عن مؤلفات الدكتور عبد الله عبد الدائم

بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الحضور الكريم أيها السادة الأعزاء
أرحب بهذه الوجوه الطيبة المتشوقة للتعرف على قلم عربي له جذور في هذه المدينة الطيبة.
باسم الجمعية التاريخية وباسم رابطة الخريجين الجامعيين أردد أهلاً وسهلاً بكم إلى (ندوة كتب وأقلام من حمص) رقم (13) والتي أرجو أن تستمر بدعمكم لنتعرف من خلالها على أقلام أصبحت في رحمة الله، وتستمر لتشمل أجيالاً جديدة من المفكرين نأل أن تكون قواعد راسخة لاستمرار نهضة أمتنا لتعود لتأدية دورها الحضاري الإنساني في مركز القيادة والمسؤولية أمام الله.
أيها الأحباب:
نحن الآن في رحاب عطاء المفكر الباحث الأستاذ الدكتور عبد الله عبد الدائم الذي سنسلط الضوء على جوانب من شخصيته وعلى نماذج من كتبه وهو أكبر من كثير من أن نستطيع فعل ذلك في ندوة لا تزيد عن الساعة إلا قليلاً، فعذرنا أننا نشير بإصبعنا إلى هذا العلم وإلى منجزاته الفكرية وتترك الأمر بين أيديكم.
لقد كتبنا في بطاقة الدعوة أسماء (33) كتاباً بالعربية هي أهم مؤلفات الدكتور عبد الله وأشرنا إلى أن له مؤلفات بالفرنسية أيضاً، وله العدد الكبير من البحوث والدراسات والمقالات والمحاضرات عبر حياته المديدة أطال الله في عمره.
أيها السادة – لعلكم تتشوقون الآن إلى معرفة شخصية هذا المفكر الباحث قبل التعرف على عطاءاته الفكري التربوية والقومية لذلك اسمحوا لي أن أقدم لكم لمحة موجزة عن حياتها ومحطاتها الرئيسية مقتبسة في سيرته التي تكرم وقدمها لي مجموعة من كتبه.
1- ولد عبد الله في سنة 1432 هجرية عربية / 30 حزيران 1924 أفرنجية غربية.
وكان مسقط رأسه في مدينة حلب، إلا أنه كان منذ سنيه الأولى ابناً لكثير من مدن الشام ولحمص منها نصيب وافر، إذ تنقل كثيراً م وظيفة أبيه ثم في أثناء دراسته ووظائفه.
2- أما جده الحلبي فكان من علماء الدين وصوفي النزعة، ووالده من مواليد 1303 هـ/1885م أي في عهد السلطنة العثمانية وعاش حتى تقاعده في أواخر الخمسينات من القرن الميلادي الماضي وقد مارس والده تجارة الأقمشة ثم أصبح مدرساً للغة العربية عام 1344 هـ / 1926م، ثم أصبح قاضياً شرعياً عام 1930 ثم في محكمة التمييز الشرعية بدمشق وتنقل في عمله بين كثير من المدن الشامية وبمعيته أسرته.
وكان خصوم والده يقولون عنه (هذا قاض يصلح لأيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه لا لأيامنا هذه).
3- أما والدة عبد الله، وهنا بيت القصيد، بالنسبة لحمص، فالقصة أن والده عندما كان إمام طابور في الجيش العثماني بمدينة عالية بجبل لبنان تزوج من امرأة من آل السقا بحمص ولا تسألوني كيف تم ذلك. ويعترف عبد الله بأنه على الرغم من أنها كانت أمية، فإنه تعلم منها الكثير من أشعار العرب وأمثالهم ، والكثير من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة. وكان ذلك بلا شك تأسيساً لعبد الله.
ويعترف عبد الله أيضاً بأن جدته (والدة أمه الحمصية) أيضاً، كان لها أثر غير مباشر، ولكنه كبير في تكوينه وتعليمه طفلاً مراهقاً ويافعاً. وكانت تحكي له الحكايات الجميلة والمثقفة وتطرح عليه من الأسئلة المربية ما تعجز عن فعله التربية الحديثة، وأما الأمثال التي كانت تسوقها في كل مناسبة فحدث عنها ولا حرج.
وهكذا أسها الأخوة نحن إذن أخوال الدكتور عبد الله عبد الدائم. هذه نقطة وللأخوال تأثير ليس بالنسب فقط بما وصفه من مدينة حمص ثم بما تربى عليه فيها، وإليكم بقية القصة. ومنها أن أخته تزوجها حمصي من آل عبارة فكان الاسترداد في هذه الناحية.
لقد تلقى عبد الله قسماً من تعليمه الابتدائي في حمص، وأشار إلى أنه في تلك المرحلة كان ينشد فيها مع أساتذته قصيدة بشارة الخوري الشهيرة:
«نحن الشباب لنا الغد ومجده المخلد….»
وطبعاً أنشد الكثير في المدن الأخرى مثل بلاد الشام أوطاني من الشام لبغدان للشاعر فخري البارودي. وغيرهم من الأناشيد التي كانت سائدة في تلك الفترة.
لقد أنهى عبد الله دراسته الابتدائية في حمص أيضاً عام 1354هـ / 1935م وحصل على الشهادة الابتدائية (السرتفيكا) في حينه، ثم قضى سنة في ثانوية حمص كان لها تأثير كبير على حياته أيضاً، إذ شارك في التظاهرات الصاخبة التي قامت على قدم وساق على أثر اعتقال الفرنسيين لفخري البارودي وصحبه ونفيهم إلى جزيرة أرواد سنة 1355هـ / 1936م.
ويؤكد عبد الله أن الوثبة الكبرى في حياته كانت أثناء دراسته الثانوية في حمص أيضاً.
ثم تابع دراسته الجامعية في مصر موفداً لجامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن) فحصل على الإجازة (الليسانس) في الآداب (قسم الفلسفة عام 1365 هـ / 1946م) وقد دعاه الملك فاروق ليستقبله مع سائر الخريجين الأوائل.
ثم تابع عبد الله دراسته في فرنسا بعد ذلك فحصل على دكتوراه الدولة في الآداب (تخصص تربية) من جامعة السوربون بباريس عام 1956م.
أما الوظائف التي شغلها فقد بدأ مدرساً للفلسفة في ثانوية حمص عام 1946م ثم في كلية التربية بدمشق بين عامي 1948 – 1966، وقد تنقل خلال ذلك في وظائف داخلية وخارجية، في قطر 1957 ومديراً للثقافة بالوزارة 1959، ووزيراً للإعلام 1962 ثم في عام 1964 ثم وزيراً للتربية عام 1966. ودرّس في الجامعة اللبنانية، وعمل في مراكز الأمم المتحدة وخاصة اليونسكو في مجالات التربية في عمان وغربي أفريقيا وباريس والكويت.
وهو عضو في مجلس أمناء مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت منذ عام 1974 وحتى الآن. وعضو مراسل في مجمع اللغة العربية بدمشق منذ عام 1992 وقد كرمه اتحاد الكتاب العرب بدمشق وصدر عنه كتاب بذلك.
أيها الأخوة الأعزاء
هذا ملخص لسيرة عبد الله الدراسية والوظيفية.
أما ملخص سيرته الثقافية والينابيع التي نهل منها والعطاءات التي قدمها فإليكم عنه:
يقول الدكتور عبد الله عن سيرته بأنها قصة جيل عانى من الهوة بينه وبين جيل آبائه وأجداده. فحيل أبائه وأجداده عهد السلطنة العثمانية والخلافة الإسلامية ودولة الأمة المستمرة منذ عهد مؤسسها. مؤسس الدولة العربية الإسلامية محمد (ص).
أما جيله فإنه واجه بدايات الانفتاح الفكري على الغرب والصراع معه لصد غزوه ومطامعه الاستعمارية.
وقد استطاع جيله أن يخرج من هذا الصراع بمركب جديد جوهره الثقافة العربية الإسلامية بعد تجديدها بفضل منطلقات العلم الحديث ومن ثم المناخمة عن الثقافة العربية الإسلامية والعمل على بناء كتاب عربي أصيل في حداثته وحديث في أصالته.
لقد كانت أسرته وعمل والده قاض الأساس في تربيته إذ حفظ (كتاب كفاية الكلام) عام 1929 وعمره 5 سنوات وشارك العائلة في تلاوة قصيدة فيهم البراة للبوصيري ويرتل القرآن بصوت عال. وقد تتلمذ على
ثم كانت دراسته الثانوية ومن تعرف فيها من الأساتذة كعبد القادر المبارك وسليم الجندي وعز الدين التنوطي وصلاح الدين البيطار وميشيل عفلق ونظيم الموصلي ويؤكد أن زاده الثقافي كان أثناء دراسته الثانوية في حمص بصورة أساسية مع زميله شاكر الفحام.
حيث قرأ في مكتبة أبيه ثم كثيراً من الكتب التراثية ثم كتب الأدباء الجدد كالعقاد وطه حين والشعراء وقرأ الأدب الفرنسي وتعلم الإنكليزية أيضاً ثم الألمانية واللاتينية.
أما نشاطه العربي القومي فقد مارسه منذ شبابه وللحديث عنه مجال آخر وأشير إلى أنه شارك في تأسيس حزب البعث العربي وحضور المؤتمر التأسيسي بتاريخ 7 نيسان 1947م.
ويمهنا أيها الأخوة نشاطه القومي وإنتاجه الفكري
فقد بدأ الكتابة والتأليف والنشر منذ كان طالباً وقام بالترجمة مع زميله سامي الدروبي وقد كان أهم مجالات عمله وإنتاجه الفكري في علم التربية وتطوير التربية العربية وتنمية العمل العربي المشترك فيما يخصها.
ولعلي أيها الأخوة الأعزاء قد أطلت عليكم أو أخذت من وقت زملائي الأعزاء في الندوة وحتى لا أكون باحثاً في سيرة حياة عبد الله عبد الدايم فقط وإنما في فكره أيضاً، أرجو أن تسمحوا لي أن أقدم لمحة موجزة عن كتابين له في مجال التاريخ وهو ؟؟؟؟؟؟ الأساسي كما تعرفون.. وهي:
1- نكبة فلسكين عام 1948 أصولها وأسبابها وآثارها السياسية والفكرية والأدبية في الحياة العربية
تقييماً عاماً لحرب 1948 ووطد الاستعمار البريطاني والولايات المتحدة وعن الصهيونية وهيئة الأمم المتحدة ومسؤوليات العرب ثم يتحدث عن آثارها على الشعب العربي الفلسطيني ثم على الأوضاع السياسية العربية وأخيراً في الأدب والفكر العربي حتى عام 1967.
2- إسرائيل وهويتها الممزقة
يمكن القول أن هذين الكتابين مساهمة في أهم نقطة في تاريخ العرب المعاصر والتي كانت حصيلة القضاء على السلطنة العثمانية واحتلال أراضيها ثم تجزئتها وإنشاء الكيانات عليها حيث كانوا يعلنون حق الشعوب في تقرير مصيرها ولكن بعد أن يقسموها كما يريدون تقسيماً عرقياً ودينياً ومذهبياً ولغوياً. ولذلك نرى الآن منطقتنا العربية الإسلامية مجزأة بل زادوا في تجزئتها كما يحصل في العراق والسودان وغيرهما.
ولكن ليسمح لي الدكتور عبد الله أن أقول إن عرضه لنكبة فلسطين وآثارها في هذا الكتاب الصغير شيء رائع.
أما أن يصف إسرائيل بالتمزق دون أن يبحث عما يجمعها فهو أمر يحتاج إلى إعادة النظر إذ يجب البحث حقيقة فيها بجمع هذا الشتات المتنوع فيما يفرق ما يسمى بالجانب العربي وأرى أن الأمر يحتاج إلى إعادة دراسة لكثير من المصطلحات والفرضيات مثل (الصراع العربي الصهيوني).
فهل هو حقاً صراع بين العرب كجنس والصهيونية كفكرة قومية مخترعة لليهود.
وأعتقد أن إعادة تصحيح النظرة وفهم القضية ستعطينا شيئاً من الأمل حتى العودة إلى الوحدة والقوة واسترداد الحق المغتصب لنعود نؤدي دورنا تجاه الإنسانية ونحمي القدس لتكون لمل أهل الإيمان لا أن تكون بيد من ينكرون إيمان الآخرين ويحتقرونهم.
وفي كتابه الصغير (صراع اليهودية مع القومية الصهيونية، الصهيونية ومستقبل إسرائيل) إشارات جيدة.
شكراً لكم على صبركم وعذراً للإطالة إن كانت حصلت.
وأدعو الأستاذ الدكتور عبد الإله نبهان ليعرفنا بأحد كتب الدكتور عبد الله عبد الدايم.