الحوار حول الوحدة العربية – تحليل كلمة الدكتور عبد الله عبد الدائم

أجرى الدكتور فهد الفانك – في بداية عام 1989 – حواراً بالمراسلة مع نخبة من المثقفين العرب، من شتى الأقطار العربية، حول «الوحدة العربية». وقد جمع كلمات المتحاورين ووضع لها مقدمة قيّمة هامة – أشار فيها إلى أهم ما ورد في أجوبتهم. ونثبت في ما يلي نص ما ذكره في تلك المقدمة عن الكلمة التي بعث بها الدكتور عبد الله عبد الدائم. الدكتور عبد الله عبد الدائم (سوريا) مفكر ومنظر قومي علم، ومن الأعمدة الأساسية التي قام على أكتافها الفكر القومي والاشتراكي لحزب البعث العربي، الذي انطق قبل أكثر من أربعين عاماً من سوريا قلب العروبة النابض، وتوجه إلى الأمة العربية كلها من المحيط إلى الخليج. وقد تنلمذ على يديه فكراً وثقافة وعلماً جيل كامل من الشباب العربي من مختلف الأقطار، وعرفوا فيه الينبوع السخي الذي يجمع بين العقل والتفكير العلمي من جهة، وبين المشاعر الانفعالية التي تُذكي الحماس وتعطي معنى للنضال وحمل الرسالة وتحمل التضحيات والإصرار على الطريق الصعب من جهة أخرى. وهو فوق ذلك مربّ قدير يعمل على صنع الإنسان العربي الجديد الذي لا يعرف اليأس طريقاً إلى قلبه، مهما توالت النكسات وتكاثرت الصعوبات والعقبات، لأن بصيرته، وإن لم تتجاهل الواقع، لكنها لا تقف عنده، بل تستشرف المستقبل وتتطلع إلى الأفق الأرحب. يوضح الدكتور عبد الله عبد الدائم بأستاذية رائعة مفهوم الأمة والقومية، ويشخص أمراض التجزئة، ويوجّه إصبع الاتهام إلى الاستعمار والإمبريالية، ويوضح دور الصهيونية في تفتيت الوجود العربي، ويحدد دور القومية في المرحلة الراهنة، ويحل عقدة التناقض المزعوم بين العقل والانفعال في النضال من أجل الوحدة، ويزرع عوامل الأمل في نفوس الجماهير، ويتحلى بالمرونة فيما يتعلق بشكل الوحدة المنشودة التي يحدد مضمونُها شكلها. وهو يرفض فكرة فشل مبدأ الوحدة لمجرد أن تجربة الوحدة لم تنجح. وأخيراً يطل الدكتور عبد الدائم على المستقبل العربي بعين لا تُدرك الواقع وتفهمه وحسب، بل تقرأ الوعد الذي يحمله المستقبل جنيناً في أحشائه. ونحن نتمنى على وزراء التربية والتعليم العرب، وعلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، أن يعملوا على وضع رسالة الدكتور عبد الله عبد الدائم أمام الثلاثين مليون طالب عربي الذين يجلسون على مقاعد الدراسة اليوم، ويصنعون القرار العربي غداً، فهي تستحق أن تكون مادة مقررة ودروساً يتلقاها كل شاب عربي. فهـد الفانـك