تكامل البلاد العربية والتعاون العربي والدولي في مجال التعليم العالي

بحث قدم إلى المؤتمر الأول للوزراء المسؤولين عن التعليم في البلاد العربية، الجزائر، أيار/مايو 1980 وقد نشر في المجلة العربية للتربية في عددها الثاني المجلة العربية للتربية – العدد الثاني – سبتمبر 1982

تكامل البلاد العربية والتعاون العربي الدولي
في مجال التعليم العالي

للأستاذ الدكتور عبد الله عبد الدائم
مدير قسم المشاريع العربية في قطاع التربية
منظمة اليونسكو – باريس
مدخل: مفهوم التعاون العربي الدولي:
1- منطلقنا في هذا البحث أن التعاون الدولي بين البلدان العربية وبين سواها في مجال التعليم العالي – وفي سائر المجالات – لن يبلغ مداه ولن يكون مجدياً ومعافى ومحققاً لأغراضه الأساسية. إلا إذا نضج التعاون العربي واستوى على سوقه وأدرك غايته وأبعاده.
ولا يعني هذا أننا ننقص من شأن التعاون الدولي أو نشكك في أهميته وغايته. فالتعاون الدولي لصيق برسالة الجامعات والتعليم العالي، ورسالة الجامعات في خاتمة المطاف رسالة إنسانية شاملة، ودورها أساسي في بناء الإنسان أنى كان، وفي بناء التفاهم الدولي والمجتمع الإنساني الجديد المتضامن، وفي تسخير المعرفة والعلم والتقنية لخدمة الإنسان، وفي الإعداد لفجر عالمي إنساني مشرق.
غير أننا من المؤمنين أن السبيل إلى خلق مجتمع متضامن يمر لا محالة عبر الكيانات القومية والثقافات القومية الواعية لذاتها، وأن تربة العمل القومي هي التربة التي يزكو من خلالها العمل الإنساني ويثمر، وأن الفرد أنى كان يتفتح ويكمل عطاؤه لمجتمعه وللمجتمع الإنساني الأكبر عن طريق الانصهار في بوتقته القومية وعن طريق العمل لرفع صرحه القومي، ذلك العمل الذي يشتمل في صلبه وأعماقه، عندما يكون أصيلاً ومتكاملاً، على أهداف إنسانية شاملة.
2- وإذا كانت هذه الحقيقة أمراً بديهياً في شتى مجالات النشاط الإنساني، فهي أصدق وأوكد في مجال النشاط الثقافي، حيث تقوم لحمة أصيلة بين تنمية الثقافية القومية وتنمية الثقافة الإنسانية. فالثقافة الإنسانية هي بالتعريف حصاد الثقافات القومية المختلفة، وثمرة التفاعل والحوار والتضامن فيما بينها. وبمقدار ما تكون هذه الثقافات القومية بالتالي مدركة لذاتها واعية لطبيعتها مفتقة لألوانها ومعالمها الخاصة، تغتني الثقافة الإنسانية ويغتني التعاون الثقافي الإنساني ويلتئم.
3- وفي التعليم العالي، الذي يمثل أعلى ما في الثقافة القومية الإنسانية، لا يمكن أن يكون التعاون الدولي متبادلاً وأن يحمل معنى الأخذ والعطاء المشترك وأن يكون حواراً وتفاعلاً خصيباً، إلا إذا احتفظ كل طرف من الأطراف المعنية بهذا التعاون بسماته الثقافية الخاصة وبأصالته، وعمل على إنماء طابعه الخاص ونموذجه الخاص، وجعل من التعاون الدولي سبيلاً لتعميق هذا الطابع المميز. وأياً كانت أهداف التعاون الدولي في ميدان التعليم العالي، فلا شك أن من الواجب أن يكون على رأس تلك الأهداف مساعدة الشعوب والثقافات المختلفة على توكيد ذاتها وتحقيق أصالتها وإطلاق قدراتها الذاتية الخلاقة، وتحريرها من التبعية والنقل والاتكال.
إن التعاون الدولي، في مجال التعليم العالي خاصة، لا يعني فرض نموذج ثقافي واحد ووحيد، ولا يعني انصهار الثقافات المختلفة في بوتقة نموذج ثقافي يعتبر الأقوم والأمثل، وتعتبر كل مباينة له تخلفاً ينبغي تجاوزه، وتعتبر أي ثقافة مقتصرة عنه ثقافة متخلفة، عليها أن تردم هوة التخلف بينها وبين ذلك النموذج الأمثل، ولو تم ذلك على حساب التفريط بمزاياها الخاصة.
4- هذه البدهيات التي أكدها المجتمع الدولي اليوم في مناسبات عديدة والتي أكدتها خاصة منظمة اليونسكو في أكثر من موضع وجعلت منها أساس سياستها الثقافية وجوهر الفلسفة التعاونية التي تأخذ بها، تصدق على البلدان النامية كما تصدق على البلدان المتقدمة نفسها، تلك البلدان التي تشكو أيضاً مما أصاب ثقافاتها الخاصة من ترد وضياع، والتي أخذت تشكك في النموذج الحضاري الذي أفرزه مجتمع الاستهلاك وأفرزه التقدم العلمي التكنولوجي العشوائي. ولا نقول جديداً إن قلنا أن البلدان المتقدمة نفسها تبحث جاهدة عن نموذج حضاري جديد، للقيم الإنسانية فيه مكانة خاصة، وللحوار والتفاعل مع الثقافات المختلفة دور أساسي.
5- ولئن أكدنا في مطلع هذا البحث على هذه الحقائق التي غدت مكرورة فلأن لها بالإضافة إلى معناها الشامل معنى خاصاً عندما يكون الأمر مرتبطاً بالبلدان العربية. فالتعاون الدولي بين البلدان العربية وبين سواها يلبس طابعاً فريداً، يرجع إلى أن الثقافة القومية الخاصة التي ينبغي أن يمر عبرها التعاون الدولي ليست ههنا ثقافة كل بلد عربي على حدة، رغم وجود لوينات ثقافية خاصة بكل بلد، بل هي ثقافة البلدان العربية مجتمعة، نعني الثقافة العربية الإسلامية. إن هذه الحقيقة تضع موضوع التعاون الدولي بالنسبة إلى البلدان العربية في إطار خاص متميز، يجعل المهمة أصعب وأيسر في آن واحد. فإذا كان سبيل التعاون العربي الدولي هو تنمية الثقافات القومية، فمعنى هذا بالنسبة إلى الدول العربية تنمية الثقافة القومية المشتركة بين هذه الدول. ومن هنا فلسنا في هذا المجال أمام ثلاثة مستويات من التعاون: التعاون الوطني والتعاون الإقليمي والتعاون الدولي، بل نحن إلى حد بعيد أمام مستويين اثنين: التعاون العربي الإقليمي والتعاون الدولي. ولكي يبلغ التعاون الدولي مداه، لابد أن يكتمل التعاون الإقليمي ولابد أن ينضج التفاعل الثقافي العربي المتكامل.
إن البلدان العربية، مهما تكن جهودها الفردية المستقلة كبيرة، في إطار كل بلد على حدة، لن تستطيع أن تحقق الشرط اللازم لأي تعاون دولي مثمر ولأي تنمية مجدية لنشاطاتها الثقافية، إلا إذا حققت التعاون فيما بينها، ولن يستطيع كل منها أن يحاور من خلال ثقافته وحدها، بل لابد أن يتم الحوار من خلال الثقافة العربية المشتركة.
6- ومعنى هذا بوجيز العبارة أن توليد رؤية حضارية مشتركة ونموذج حضاري عربي متميز هو غاية التعاون الثقافي بين البلدان العربية وهو الطريق الوحيد إلى تحقيق تعاون دولي مفيد وملائم بينها وبين سائر الثقافات الغربية.
ومهما تتعدد أهداف التعاون العربي الدولي، يظل هدف الأهداف ومنطلق المنطلقات أن يؤدي هذا التعاون إلى توليد نموذج حضاري عربي أصيل. والتعاون في مجال التعليم العالي بين البلدان العربية، وبالتالي بينها وبين سائر بلدان العالم، مدعو إلى أمر لا ثاني له، وهو تخليص الثقافة العربية من التبعية، وإطلاق القوى الذاتية المبدعة للوجود العربي، وتمكينه من بناء حضارة عربية أصيلة تشيدها قوى أبنائه وعقولهم وعلومهم ومهاراتهم التقنية.
7- هذه المعاني أكدها التقرير عن إستراتيجية تطوير التربية العربية الذي أصدرته منظمة الأليكسو. ومما جاء فيه (ص 25):
«تدعو الحاجة الماسة إلى تطوير فلسفة عربية متميزة تتفرع منها فلسفة اجتماعية تربوية، تستند جميعها إلى خصائص الأمة العربية في أصالتها ومقومات عقيدتها وثقافتها، وما ينشأ عنها من مواقف عقلانية وحضارية، وإلى مقوماتها القومية وإمكاناتها، وإرادة التعبير التي تعمرها، ونزعتها إلى التجديد وتفاعلها مع الحضارة الإنسانية المعاصرة على خير صورها واستيعابها لما فيها من ثورة علمية تقنية…»
8- ونخف إلى القول، دفعاً لأي لبس، إن التأكيد على ضرورة توليد رؤية حضارية عربية متميزة وثقافة عربية ذاتية، لا ينفي الأخذ والعطاء مع الحضارات والثقافات الأخرى، بل يفترضه، وإن هذه الدعوة إلى الأصالة لا تعني الانطواء على الذات والانكفاء على النفس بل تعني، كما قلنا ونقول، إدراك الخصائص الذاتية وتنميتها وبناء ثقافة متميزة عن طريق استيعاب الثقافة الخاصة والتفاعل مع الثقافات الأخرى في آن واحد. فالتراث الثقافي لأي شعب من الشعوب ليس حقيقة نهائية، بل هو ثروة ينبغي أن نتمثلها لكي نتجاوزها ونجددها. والتراث العربي أصلاً وليد تمازج ثقافات عديدة، وهو يحمل في ثناياه بذور تجاوزه وتطويره. كما أنه كامن منبث في الثقافات العالمية المختلفة، بل هو أصل هام من أصول الحضارة العالمية العلمية والتكنولوجية، بفضل ما أشاعه من منازع البحث العملي والأسلوب التجريبي ودراسة الظواهر واستقرائها واكتشاف قوانينها بغية تسخيرها والسيطرة عليها.
من هنا كان لزاماً علينا أن نبدأ بالحديث عن التعاون العربي أولاً، وأن ننتقل بعد ذلك إلى الحديث عن التعاون الدولي، بعد أن تتوافر لدينا المعايير الصحيحة التي ينبغي أن يقوم عليها هذا التعاون الدولي وذلك من خلال تحليلنا لغايات التعاون العربي وأهدافه ومستلزماته ووسائله.
التعاون العربي في مجال التعليم العالي:
9- جرت العادة أن ينصرف البحث في التعاون في مجال التعليم العالي إلى تعداد أوجه التعاون القائمة فيما يتصل خاصة بتبادل الطلاب والأساتذة وبرامج الدراسة والكتب المدرسية والاعتراف بالشهادات العلمية وما شابه ذلك.
غير أننا، انطلاقاً من المبادئ التي أشرنا إليها في المقدمة، سنحاول أن نضع الأمور في نصابها الصحيح منذ البداية، لاسيما فيما يتصل بالتعاون العربي، مبينين أن هذه الأنماط العادية المألوفة من التعاون ليست، على أهميتها، هي وحدها الأنماط المرجوة وأنها لا تأخذ معناها إلا في إطار فهم أشمل وأعمق لغايات التعاون.
10- وغايات التعاون العربي في مجال التعليم العالي تنطلق في نظرنا من غاية كبرى أساسية، وهي تمكين التعليم العالي في البلاد العربية من أن يكون رأس الحربة في معركة بناء القدرة الذاتية العربية في مجال المعرفة والعلم والتكنولوجيا، وأن يكون القوة الطليعية التي تعمل على توليد حضارة عربية أصيلة.
وبناء هذه القدرة الذاتية وتوليد الرؤية الحضارية العربية، بقيادة التعليم العالي، لا يعنيان مجرد التوسع في التعليم العالي وتحقيق ديمقراطيته أو تكوين الأساتذة اللازمين له أو توفير المباني والتجهيزات الضرورية، أو تجويد الإدارة التعليمية وزيادة فعاليتها، بل لا يعنيان حتى مجرد زيادة عدد المشتغلين بالبحث العلمي بل يعنيان شيئاً أبعد وأعمق من هذا كله. إنهما يعنيان في نظرنا الأمور الآتية:
أ- وضع فلسفة حضارية عربية خاصة، لابد أن يجهد العاملون في التعليم العالي خاصة على توضيح معالمها وقسماتها.
ب- رسم السياسة العربية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية الكفيلة بتحقيق هذا النموذج الحضاري العربي الخاص.
ج- تحديد ما تحتاج إليه هذه السياسة من أطر عليا يتوجب على التعليم العالي تكوينها.
د- وضع المناهج الدراسية، في مجال التعليم العالي، القادرة بمحتواها ووسائلها على تلبية تلك الحاجات.
هـ- وضع سياسة للتعاون العربي في مجال التعليم العالي كفيلة بتوفير الموارد البشرية والمالية اللازمة لإنفاذ ذلك.
11- ذلك أن المسألة في البلدان العربية ليست مسألة التوسع في التعليم العالي، أو زيادة عدد خريجيه فحسب، بل هي مسألة الارتباط بين هذا التعليم وبين أهداف تنموية شاملة تنبثق عن فلسفة حضارية كاملة.
11-1 فأعداد الطلاب في التعليم العالي تتضاعف كل خمس سنوات تقريباً وقد تضاعفت أكثر من ثماني مرات بين عام 1960 و1980 (من 163 ألف إلى 1.32 مليون). والنسب الإجمالية للمسجلين في التعليم العالي ترتفع ارتفاعاً سريعاً (من 1.6% عام 1960 إلى 6.9% عام 1970) والنسب الصافية للمسجلين في فترة العمر 18 – 23 تتزايد تزايداً أكبر (من 3.9% عام 1960 إلى 14.9% عام 1970). ومن المتوقع أن يناهز عدد المتخرجين من الجامعات العربية عام 2000، في حال استمرار الاتجاهات القائمة
12 مليوناً.
وأعضاء هيئة التدريس في التعليم العالي تضاعف عددهم أكثر من سبع مرات بين عام 1960 و1980 (من 9 آلاف إلى 68 ألف عضو).
ولا يعني هذا أن التوسع الكمي في التعليم العالي في البلاد العربية قد بلغ مداه، بل يعني أنه آخذ في طريق النمو السريع، وأن المعدلات التي وصل إليها معدلات مقبولة إذا قيست بنظائرها في كثير من بلدان العالم النامي بل والمتقدم.
11-2 وجدير بالذكر أن عدد العرب الحاصلين على درجة الدكتوراه يكاد يماثل اليوم عدد حاملي الدكتوراه في الولايات المتحدة أو ألمانيا الغربية أو المملكة المتحدة خلال الفترة الواقعة بين عام 1939 و1945. بل إن عدد الباحثين في الوطن العربي (وهو حوالي 30 ألفاً) يساوي ثلث عدد الذين كانوا يعملون في البحث والتطوير على الصعيد العالمي عام 1940.
ومع ذلك كله، ما تزال البلدان العربية تشكو من تخلف واضح في مجال الإنتاج الثقافي والعلمي والتكنولوجي، وبنيتها العلمية والاقتصادية والاجتماعية لا تعكس بحال من الأحوال النتائج المتوقعة لاتساع التعليم عامة والتعليم العالي خاصة.
11-3 إن بعض أسباب هذا الواقع المتناقض نجدها دون شك في ضعف الارتباط بين التعليم العالي وبين حاجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي تقصير محتوى التعليم العالي وبنيته عن الاستجابة لتلك الحاجات. غير أن هذا التعليل، على كونه يفسر جانباً من الظاهرة، لا يكفي لتعليلها بكاملها. ذلك أن سياسة التعليم العالي في البلدان العربية قد جهدت في العقود الأخيرة على تحقيق بعض الارتباط بين حاجات العمالة والتوسع في فروع التعليم العالي وأنواعه. ولقد ازداد عد المنتسبين إلى الفروع العلمية والتقنية ازدياداً ملحوظاً في معظم هذه البلدان.
11-4 ومع ذلك نقول مرة أخرى أن آثار هذه السياسة لم تظهر تباشيرها بعد على نحو واضح ولم تؤد إلى تغيير أساسي في القدرة العلمية الذاتية للبلدان العربية، ولم تحررها من التبعية لسواها. ولا أدل على ذلك من هجرة الأدمغة العربية إلى البلدان الغربية، تلك الهجرة التي ترجع إلى أسباب عديدة دون شك، غير أنها في معظم الأحوال تعبير عن الانفصام بين أصحاب الكفاءات العلمية والتكنولوجية وبين واقعهم ومجتمعهم، ودلالة واضحة على غربة الثقافة التي يتلقاها المثقفون العرب، سواء في بلادهم أو في خارجها، عن ثقافة أمتهم وحاجاتها.
11-5 المسألة إذن في أعماقها مسألة ثقافية حضارية. إنها ترجع إلى كون معظم الثقافة التي تقدم في مؤسسات التعليم العالي ثقافة مجلوبة، تطرح مشكلات غريبة في أكثر الأحوال عن مشكلات الواقع العربي والمجتمع العربي والتنمية العربية. إنها ما تزال عاجزة عن إطلاق شرارة الخلق والإبداع التي تتولد من اللقاء الحي بين التعليم العالي وبين مشكلات المجتمع العربي ومستلزمات الثقافة العربية. وإذا توخينا تعبيراً أوضح، قلنا أن التعليم العالي لم يستطع بعد أن يغدو مؤسسات تبحث بحثاً موصولاً مستمراً في تطوير الواقع العربي وتحقيق التنمية الذاتية العربية. وخريجوها لا يملكون غالباً عند تخرجهم الزاد اللازم لمعالجة الواقع العربي، ولا يجدون في مؤسسات التعليم العالي وسواها من مؤسسات المجتمع ما يتيح لهم بعد تخرجهم الانطلاق في طريق تربية دائمة مستمرة، قوامها العمل الدائب المتصل من أجل تطوير ثقافتهم عن طريق الاتصال بالواقع، وتطوير الواقع عن طريق تعميق ثقافتهم وتجديدها.
11-6 ومعنى هذا، بوجيز العبارة، أن البعد القومي، البعد الثقافي الأصيل، في التعليم العالي (وفي سواه) ما يزال ضامراً وأن سياسة التعليم العالي ما تزال مقصرة عن أن تضع نفسها في إطار رؤية عربية للتنمية وللحضارة وللثقافة.
11-7 لقد تحدث المتحدثون طويلاً عن المعجزة اليابانية، ووقف معظمهم عند رد هذه المعجزة التي ابتدأت منذ عصر «مييجي» (1867 – 1912) إلى انتشار التعليم الابتدائي الإلزامي وإلى البعثات العلمية العديدة التي أوفدت إلى الغرب وإلى استقدام عدد كبير من الخبراء الأجانب من أجل تطوير الصناعات اليابانية والاقتصاد الياباني. ونسي معظم هؤلاء المحللين حقيقة أساسية، وهي أن هذه الجهود التي تمت في مجال التعليم الابتدائي وإيفاد البعوث واستقدام الخبراء ما كانت لتؤتي ثمراتها لولا أنها تمت جميعها في إطار نظرة ثقافية قومية، وعمل ثقافي قومي مشترك وسعي واع لتوليد حضارة يابانية. ولا أدل على ذلك من أن الظهير الملكي الذي صدر آنذاك يؤكد أهمية التعليم والبحوث العلمية جنباً إلى جنب مع تأكيده لأهمية تحريض إرادة العمل المشترك لدى المواطنين من أجل بناء تجربة قومية ذاتية. ومن هنا يحق لنا أن نقول إن البعد الوطني القومي هو الذي لعب الدور الأكبر في التجربة اليابانية، وإن العوامل الأخرى تأتي في المنزلة الثانية.
11-8 وآية هذا كله أن المحور القومي أولاً وقبل كل شيء هو الذي ينبغي أن تدور حوله الجهود المتصلة بتطوير التعليم العالي في البلدان العربية، وأن التعاون العربي في هذا المجال ينبغي أن ينطلق من هذه الحقيقة قبل سواها.
إن تبادل الطلاب والأساتذة، وتبادل المناهج والدراسات وتبادل المعلومات والبيانات، وتبادل الوسائل والأدوات، أمور لا ننقص من قيمتها وشأنها، ولكنها لن تقوى على أن تحدث في التعليم العالي في البلاد العربية التغير الجذري المنشود والنقلة النوعية المطلوبة. بل قد تؤدي في بعض الأحيان إلى استمرار العلة ونشر الداء، حين تؤدي إلى تبادل الأساليب التقليدية، بدلاً من تجاوزها ومحاربتها.
إن هذا التبادل إذا استمر على شكله التقليدي لن يعدو في كثير من الأحيان أن يوفر أماكن للطلاب الذين لا يجدون مقاعد للدراسة في بلادهم، وأن يوفر بعض الأساتذة للجامعات التي تعوزها الأطر العلمية التدريسية. ومثل هذا، على قيمته العلمية، لن يؤدي إلى النهوض بقدرة الجامعات العربية على تكوين الكفاءات القادرة على توليد مجتمع عربي جديد وثقافة عربية أصيلة وتنمية عربية ذاتية.
11-9 وقد يرد على البال أن الشرط اللازم والكافي لتوليد هذه التنمية العربية الذاتية، عن طريق التربية عامة ومؤسسات التعليم العالي خاصة، هو مزيد من العناية بالدراسات العلمية التكنولوجية على حساب الدراسات الإنسانية. وفي هذا جانب من الحقيقة،
لا الحقيقة كلها. فالدراسات العلمية التكنولوجية تشكو الغربة والابتعاد عن الواقع العربي شأن الدراسات الإنسانية سواء بسواء. وهي بالتالي أخطر شأناً إذا لم ترتبط بجذور الواقع وحاجاته. والدراسات الإنسانية التي قد يخيل إلينا أنها ألصق بالثقافة القومية، ما تزال بعيدة على أن تكون أفراداً مبدعين في ميدان الثقافة العربية وفي دراسة المجتمع العربي. بل ما تزال هذه الدراسات، في معظم الأحوال، دراسات مجلوبة منقولة عن الآخرين. ولعلنا لا نغلو إذا قلنا أن هذه الدراسات الإنسانية هي المدعوة قبل سواها إلى توليد الثقافة القومية الخاصة، وأن منطلق الإبداع الذاتي يبدأ منها أولاً.
بل الحق أن نقول أن الإبداع كل لا يتجزأ، وأن الثقافة القومية كل لا يتجزأ. ومن الخلف أن نظن أن في مقدور أمة أن تطور دراساتها العلمية والتكنولوجية إن لم تطور في الوقت نفسه دراساتها الإنسانية. أو ليس مما يدعو إلى التساؤل أن أهم الدراسات المتصلة بالتراث العربي نفسه وبالتاريخ العربي والأدب العربي والفن العربي وسواها، والتي تستقي منها جامعاتنا، هي دراسات قام بها غالباً باحثون من غير العرب؟.
ومع ذلك، ولكي لا نتهم بالإقلال من شأن التعاون العربي القائم في مجال التعليم العالي، لنلق نظرة سريعة على واقع هذا التعاون.
التعاون في مجال تبادل الطلاب:
12- لا تتوافر بيانات إحصائية كاملة عن تبادل الطلاب بين البلدان العربية وعن أعداد الطلاب في جامعاتها تبعاً للبلدان العربية المختلفة التي ينتسبون إليها. وجل ما استطعنا أن نستخلصه في هذا المجال، استناداً إلى الإحصائيات الموفورة، نجده في الملحق رقم (1) الذي يمثل صورة عن الواقع القائم في مجال تبادل الطلاب في ثلاث عشرة دولة عربية فقط. وفضلاً عن ذلك لا ترجع هذه البيانات إلى عام جامعي واحد، وإن يكن أكثرها يرجع إلى عام 1978/1979. ومع ذلك فإن هذه البيانات – على حدودها – تكون صورة قريبة من الواقع. ومن تحليلها وتحليل بعض البيانات الأخرى المتوافرة تستبين لنا النتائج الآتية:
أ- يبلغ العدد الإجمالي للطلاب العرب المسجلين في التعليم العالي والوافدين من بلادهم إلى البلدان الثلاث عشرة حوالي (19.243) طالباً ويمثلون بالتالي (2.40%) من جملة الطلاب في تلك البلدان (805.845).
ب- أكثر البلدان العربية المستقبلة للطلاب الوافدين (من عرب وسواهم) هي بالترتيب: مصر (19.665 طالباً)، السعودية (8.880 طالباً)، سورية (7.032 طالباً)، العراق (5.582 طالباً)، الكويت (3.081 طالباً)، المغرب (1.241 طالباً) تليها السودان (984 طالباً)، ليبيا (890 طالباً)، تونس (615 طالباً)، الأردن (427 طالباً)، قطر (380 طالباً)، البحرين (50 طالباً) ومعظم هؤلاء الطلاب الوافدين ينتسبون إلى البلاد العربية.
ج- تبلغ نسبة الطلاب الوافدين إلى بعض الدول العربية (من عرب وأجانب) نسبة عالية جداً من مجموع طلاب التعليم العالي في تلك الدول: ففي قطر تبلغ هذه النسبة، حسب إحصاءات عام 1977/ 1978، 40% بل تزيد على ذلك عام 1979/ 1980، إذ تبلغ حوالي 43% (750 طالباً غير قطري من مجموع الطلاب البالغ عددهم 1.760 طالباً) وفي الكويت تبلغ هذه النسبة حوالي 37% من مجموع الطلاب (3.081 طالباً غير كويتي من مجموع الطلاب البالغ عددهم 8.508) ويرجع هذا إلى التعاون الوثيق القائم بين بلدان الخليج، وإلى وجود عدد كبير من السكان المنتسبين إلى جنسيات عربية أخرى.
د- الطلاب العرب الذين يتابعون التعليم العالي في بلدان عربية غير بلدانهم، ينتسب معظمهم إلى الجنسيات العربية التالية وفق الترتيب الآتي: فلسطين – مصر – لبنان – البحرين – اليمن الشمالية – السودان – سورية – العراق – تونس – موريتانيا – الصومال – المملكة العربية السعودية – اليمن الجنوبية – الإمارات العربية المتحدة – عمان.
هـ- ومن المفيد أن نقدم صورة إجمالية عن عدد الطلاب العرب الدارسين بالمستوى التعليمي الثالث، حسب توزيعهم بين دارسين في بلدهم ودارسين خارج بلدهم. والجدول الوارد في الملحق رقم (2) يبين هذا التوزع عام 1975. ومنه نرى أن مجموع عدد الدارسين في بلدهم يبلغ في جملة البلاد العربية (850.844) طالباً مقابل (100.812) طالباً يدرسون خارج البلد (بما في ذلك البلدان العربية الأخرى).
وزيادة في التفصيل يبين الجدول الوارد في الملحق رقم (3) توزع الطلاب السعوديين الذين يدرسون خارج بلدهم، تبعاً لبلدان الدراسة (عام 1977/ 1978).
ومنه نرى أن عدد السعوديين الدارسين في الأقطار العربية 2090 طالباً (من أصل 9096 طالباً يدرسون في الخارج (منهم 1.580 طالباً يدرسون في مصر) وأن عدد الدارسين في الأقطار الأوروبية 833 طالباً وأن عدد الدارسين في الولايات المتحدة 5.851 طالباً وأن عدد الدارسين في أقطار أجنبية أخرى 322 طالباً.
التعاون في مجال تبادل الأساتذة والإداريين:
13- لا نملك إحصائيات كاملة عن توزع الأساتذة والإداريين في الجامعات العربية ومؤسسات التعليم العالي تبعاً لجنسيتهم. ومع ذلك تشير الإحصائيات المتوافرة إلى وجود تعاون واسع النطاق في هذا المجال، يختلف دون شك من بلد عربي إلى آخر. فنسبة الأساتذة العرب والإداريين العرب من غير مواطني البلد كبيرة خاصة في الجامعات الناشئة التي قامت في السنوات الأخيرة في منطقة الخليج بوجه خاص (الكويت – قطر – البحرين – الإمارات العربية المتحدة – السعودية) بالإضافة إلى ليبيا:
أ- ففي الكويت تبين إحصاءات عام 1979/80 إن عدد أعضاء الهيئة التدريسية في جامعة الكويت (من أبناء البلاد العربية) يبلغ 161 عضواً مقابل 99 عضواً من الكويتيين، يضاف إليهم 47 عضواً من جنسيات أجنبية حالياً (الولايات المتحدة – كندا – بريطانيا) غير أن أصلهم عربي. ويحسن أن نذكر أن هنالك 79 عضواً في الهيئة التدريسية ينتسبون إلى جنسيات أجنبية (انظر إلى الجدول الوارد في الملحق رقم 4).
ب- وفي قطر تشير إحصاءات عام 1977/ 78 (انظر الجدول الوارد في الملحق رقم (5)) إلى أن عدد أعضاء الهيئة التدريسية والإداريين الفنيين من العرب غير القطريين في كلية التربية يبلغ 204، مقابل 83 قطرياً (و17 من أبناء الجنسيات غير العربية).
ج- وفي المملكة العربية السعودية تدل إحصاءات عام 1977/ 78 على أن أعضاء الهيئة التدريسية في التعليم العالي يتوزعون حسب الجنسية على النحو الآتي (نقلا عن إحصاءات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية):
سعوديون 1.278 غير سعوديين 2.454
عرب 1.636 (بينهم 1.319 مصرياً)
أما الإداريون بجامعات المملكة فتوزعهم على النحو الآتي:
سعوديون 1.519
غير سعوديين 2.848
عرب 2.299 (بينهم 1941 مصرياً)
د- وعلى سبيل المقارنة، نجد التوزع التالي تبعاً للجنسية في التعليم العالي في المملكة المغربية عام 1979/ 80 (نقلاً عن مصلحة الإحصاء والتقويم 1979/ 1980):
مجموع أعضاء هيئة التدريس 2.179
منهم مغاربة 1.437
وأجانب (جلهم من العرب) 742
مجموع أفراد الهيئة الإدارية 3.774
منهم مغاربة 3.742
هـ- ومن الجدير بالملاحظة أن معظم أعضاء الهيئة التدريسية العرب والإداريين العرب من غير مواطني البلد ينتسبون في هذه الجامعات الناشئة إلى الجنسية المصرية.
كذلك من الجدير بالملاحظة أن اختصاصات الهيئة التدريسية العرب العاملين في بلدان عربية أخرى تشمل الاختصاصات النظرية والعملية على حد سواء.
التعاون في المجالات الأخرى (البحث العلمي والتعريب):
14- من العسير أن نقدم صورة ملموسة مؤيدة بالبيانات الكمية، عن التعاون بين البلدان العربية في المجالات الأخرى. غير أن من الحقائق التي قد لا تحتاج إلى برهان أن هذا التعاون يتم على نطاق واسع في ميادين البحث العلمي والتعريب وتطوير مناهج التعليم العالي وتطوير الإدارة وتبادل المعلومات والوثائق وتطوير أبنية التعليم العالي وتجهيزاته.
ومن الهام أن نتوقف خاصة عند جانبين هامين من جوانب هذا التعاون، نعني البحث العلمي والتعريب.
التعاون في مجال البحث العلمي:
15- تتعاون مؤسسات الأبحاث العلمية واتحاداتها في البلدان العربية مع الجامعات العربية ومع المنظمات العربية المعنية في سبيل تطوير التعليم العالي وربطه بالسياسة العلمية في البلاد العربية وبحاجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ففي البلدان العربية حوالي 300 وحدة للبحوث والإنماء تتفاوت في حجمها، أبرزها المركز القومي للبحوث في القاهرة الذي يبلغ عدد العاملين فيه من الأخصائيين في الأبحاث 1.112 عاملاً عام 1976، والجمعية العلمية الملكية في عمان التي تضم 200 من التقنيين، والمعهد الكويتي للأبحاث العلمية الذي يبلغ عدد أفراده 63 عام 1978 يدعمهم 411 من المهنيين والتقنيين والإداريين، ومركز «الكود» للأبحاث في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الذي يحظى بدعم عشرة من الخبراء الدوليين ويضم عدداً من المواطنين اليمنيين، والمجلس الوطني اللبناني للبحوث العلمية، ومراكز البحوث الستة التي تديرها جامعة بغداد بالإضافة إلى معهد البحوث النووية العراقي وهو أهم المراكز وأوسعها، والمركز الوطني السعودي للعلم والتكنولوجيا، ومركز البحوث والدراسات العلمية في سورية.
15-1 ومن أجل تنسيق النشاط العربي في مجال البحوث العلمية وتوفير التمويل اللازم له، أوصى «مؤتمر وزراء الدول العربية المسؤولين عن تطبيق العلم والتكنولوجيا على التنمية» الذي عقد في الرباط (من 16 – 25 آب/ أغسطس عام 1976) بإنشاء صندوق عربي للبحث العلمي والتكنولوجي وعهد إلى الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية بمهمة إعداد دراسة تقنية حول مهمات هذا الصندوق، ثم تقديم مسودتها في نيسان/ أبريل 1978.
15-2 ويتم تنسيق الجهود العربية في مجال البحث العلمي أيضاً عن طريق الاتحادات الإقليمية العربية الخاصة بالنشاط العلمي، وقد يلغ عددها عام 1978 سبعة اتحادات، كما يتم خاصة عن طريق اتحاد مجالس البحث العلمي العربية الذي أنشئ في بغداد في أيار/ مايو 1975، والذي تنتمي إليه ثماني دول عربية.
15-3 ومن أهم معالم التعاون العربي في مجال البحث العلمي والسياسة العلمية، انعقاد المؤتمر الأول للوزراء العرب المسؤولين عن البحث العلمي ورؤساء المجالس العلمية في الأقطار العربية في بغداد عام 1974. وقد قُدمت إلى المؤتمر دراسات وبحوث عالجت أسس السياسة العلمية، وأجهزة تنظيم البحث العلمي والتعاون الإقليمي العربي والدولي في هذا المجال. وقد صدرت عنه توصيات هامة، من بينها «أن تتعاون المؤسسات العلمية ومراكز البحوث العلمية المتناظرة في سائر الأقطار العربية في القيام ببرامج بحوث تتناول المسائل العلمية التي تهم مجموعة إقليمية من الأقطار العربية أو تهم الأقطار العربية جميعها».
15-4 وقد شهدت السنوات الأخيرة برنامجاً مستمراً لتنمية البحوث التربوية خاصة، إنفاذاً للقرار العام الثاني الذي أصدره مؤتمر وزراء التربية العرب بصنعاء (1972) والذي دعا المنظمة العربية واليونسكو إلى الإسهام في مساعدة الدول العربية على تطوير أجهزة البحث التربوي وأساليبه فيها وتوفير الخبرات الفنية لها وتدريب العاملين فيها. ومن أجل هذه الغاية عقد اجتماع لخبراء البحوث التربوية (في بغداد عام 1974) كما قامت المنظمة العربية بدراسة موضوع إنشاء مركز عربي للبحوث التربوية ووافق مجلسها التنفيذي في بداية تموز/ يوليو 1977 على إنشاء وحدة للبحوث التربوية داخل المنظمة. وقد أعدت هذه المنظمة برامج هذه الوحدة وشرعت في تنفيذها. وقد سبق لمكتب التربية العربي لدول الخليج أن أنشأ مركز للبحوث التربوية بالكويت يقوم بدراسات في إطار بلدان الخليج العربي خاصة.

التعاون في ميدان التعريب وتأصيل الثقافة القومية:
16- وفي مجال التعريب تقوم جهود موصولة مشتركة بين البلدان العربية من أجل تعريب التعليم في مستوياته المختلفة ومن أجل تعريب المصطلحات العلمية، انطلاقاً من أهمية التعريب في إغناء الثقافة العربية وربطها بحصاد التجارب العالمية وتوليد ثقافة عربية ذاتية أصيلة وحديثة معاً.
16-1 ونشاطات التعريب في البلاد العربية قديمة العهد ترجع إلى أيام الحكم العثماني، وقد اشتدت وقويت خاصة بعد استقلال الدول العربية عن الحكم العثماني والاستعمار الغربي. وظهرت الحاجة الماسة إلى تعريب التعليم العالي خاصة في كثير من البلدان العربية، نظراً للارتباط بين إنشاء الجامعات فيها وبين توفير الأساتذة القادرين على التدريس باللغة العربية. حتى أن فتح كليات جديدة يرتبط في العديد من هذه البلدان، كما في الكويت والأردن والسعودية، بتزويدها بالأساتذة المعربين.
16-2 وقد أسهمت في هذا الجهد المجامع اللغوية في البلدان العربية والجامعات العربية، كما أسهم فيه بوجه خاص «المكتب الدائم لتنسيق التعريب في الوطن العربي» الذي أنشئ عام 1962 ومقره الرباط، والذي انضم إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم منذ عام 1970. ويهدف المكتب إلى تنسيق الجهود لتطوير العربية، وتتبع حركة التعريب، وإثراء اللغة بالمصطلحات المنسقة، وإعداد مؤتمرات التعريب، ومتابعة نشاط المجامع، والتعاون معها ومع الهيئات العلمية، ونشر المعجم. وقد قام بنشاطات عديدة لتحقيق مثل هذه الأهداف وعقد مؤتمرين هامين للتعريب أحدهما في الجزائر والثاني في بغداد عام 1964، ووضع عدداً من المعاجم المتخصصة في الفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية وسواها. ويتولى المكتب إصدار «مجلة اللسان العربي» وهي مجلة دورية للأبحاث اللغوية ونشاط الترجمة والتعريب، و«سجل لأعمال مجامع اللغة العربية والمجالس العليا للعلوم والآداب والفنون، والجامعات والمعاهد العلمية». وامتد نشاط المكتب إلى البلدان الإسلامية والأجنبية. وقد أوصى «مؤتمر الجامعات العربية» الثاني الذي عقد في الرباط عام 1976 «يجعل اللغة العربية عملياً لغة للتكنولوجيا والعلوم في أقسام نموذجية بالجامعات الإسلامية، انطلاقاً من تجارب بعض الدول العربية التي عربت الشعب العملية في التعليم العالي». ويتعاون المكتب مع المنظمات العربية المعنية في وضع معاجم لغوية عملية متخصصة على نحو ما تم بشأن المعجم البترولي الذي وضعته منظمة الدول العربية المصدرة للبترول، أو معجم منظمة الطيران المدني، أو معجم الاتحاد البريدي العربي أو غير تلك من المعاجم.
16-3 وتقوم المجامع العلمية بدورها، متعاونة مع مكتب تنسيق التعريب وسواه، بجهود كبيرة في مجال التعريب عامة وتعريب المصطلحات خاصة. ومما أوصى به مجمع اللغة العربية بالقاهرة (في دورته الرابعة والأربعين بتاريخ 27/ 3/ 78) توحيد المصطلح العلمي وتعريب التعليم الجامعي. ولهذه الغاية شكلت 11 جامعة عربية لجاناً علمية لجرد المصطلحات. ومثل هذه الجهود يقوم بها المجمع العلمي العراقي في بغداد والمجمع العلمي العربي بدمشق ومجمع اللغة العربية في الأردن. ومن أجل التنسيق بين عمل هذه المجامع انعقد بدمشق (من 29 /أيلول/ سبتمبر – 4 تشرين الأول/ أكتوبر 1956) مؤتمر المجامع العلمية الذي صادق على توصيته بإنشاء اتحاد للمجامع اللغوية والعلمية العربية/ ووافق مؤتمر وزراء التربية العرب الذي عقد في بغداد عام 1964 على تحقيق هذا الاتحاد المجمعي. وقد تم وضع النظام التأسيسي لاتحاد المجامع اللغوية والعلمية في 30 نيسان/ أبريل عام 1970.
16-4 وواضح أن رأس الأهداف التي يهدف إليها التعاون العربي في مجال التعريب عامة وتعريب التعليم العالي خاصة العمل على تكوين ثقافة عربية ذاتية وعلى توليد هوية ثقافية خاصة متميزة تتعاون مع الثقافات العالمية الأخرى في سبيل بناء حضارة إنسانية قائمة على حوار الحضارات وتفاعلها. على أن التعاون العربي في مجال تكوين الثقافة الذاتية العربية يتجاوز مطلب التعريب هذا. وهنالك جهود كثيرة ومتنوعة تبذل من أجل بلوغ هذا الهدف الأساسي الكبير، على رأسها التعاون من أجل إحياء التراث الثقافي العربي ومن أجل تأصيل التربية العربية. وتنطلق هذه الجهود من الأفكار الآتية:
أ- لابد من الخلاص من مخاطر الاستلاب والتغريب الثقافي الذي تتعرض له الأجيال العربية، كما تتعرض له معظم الشعوب في البلدان النامية خاصة، وهو تغريب ناجم عن التبعية والتقليد الحرفي للنموذج الثقافي الأجنبي السائد في البلدان المتقدمة، وعن الاعتقاد الخاطئ بأن هنالك نموذجاً ثقافياً واحداً ووحيداً، وبأن كل مباينة له عجز وتخلف.
ب- إن هذا التغريب ما يزال يحول بين البلدان العربية وبين أن تختار طريقها الثقافي المتميز اختياراً واعياً، والتحرر منه هو الذي يمكنها من تحقيق التكامل بين ثقافتها وثقافة سواها دون ما عقد أو خوف أو رفض عاطفي، وهو الذي يؤدي إلى التضامن الحقيقي والحوار الخصيب بين الثقافات.
ج- وتؤكد أهمية بناء الثقافة العربية الذاتية الأزمات التي يعاني منها النموذج الحضاري السائد في البلدان المتقدمة، وما يواجهه من عجز عن تحقيق الحضارة الجديرة بالإنسان، وما يؤدي إليه من مشكلات اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية ونفسية، ومن تعاظم الهوة بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية وتزايد اللامساواة بين الشعوب.
د- الشعور بالدور الكبير الذي تستطيع أن تلعبه الثقافة العربية في بناء ثقافة إنسانية تحقق التوازن بين التقدم العلمي والتكنولوجي من جانب وبين التطور الإنساني القيمي والروحي من جانب آخر، انطلاقاً من تراثها وقيمها وما استطاعت أن تقدمه في ماضيات أيامها للإنسانية من حضارة تجمع بين المنازع العلمية التجريبية والمنازع الفكرية الإنسانية.
هـ- الإيمان بأن السبيل إلى حماية الحضارة العالمية جملة والحضارات القومية الخاصة، هو في سعي الثقافات المختلفة إلى العود إلى ذاتها وبينابيعها الأصلية، بحيث يكون تفاعلها مع حصاد التجارب العلمية والفكر الإنساني تفاعلاً خصيباً حين ينطلق من إدراكها لذاتها ووعيها لقوامها وبنياتها، وبحيث يتكوّن من لقاء الثقافات المختلفة طريق جديد للإنسانية جمعاء.
16-5 وقد تعددت الجهود التي قامت في الوطن العربي من أجل إحياء التراث العربي ومن أجل تأصيل التربية العربية وتوليد نموذج تربوي عربي أصيل وحديث معاً. وبدأت هذه الجهود منذ سنوات بعيدة، وتواصل عطاؤها وامتد سعيها واشتد خلال العقود الأخيرة خاصة. وأكدت هذا المطلب الهام المؤتمرات والندوات العديدة التي عقدت في شتى أرجاء البلاد العربية، ولاسيما مؤتمر صنعاء عام 1970 ومؤتمر أبو ظبي
(7 – 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 1977) وكان للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ومن قبلها الإدارة الثقافية) دور مشهود في هذا السبيل، عبر عنه خاصة تقرير لجنة استراتيجية تطوير التربية العربية (ولا سيما في الفصل الأول والثاني والثالث منه). ودعا هذا التقرير كما سبق أن ذكرنا إلى تطوير فلسفة عربية متميزة وفلسفة اجتماعية تربوية تنبثق عنها، تستند إلى خصائص الأمة العربية في أصالتها ومقومات عقيدتها وثقافتها، كما وضع بعض منطلقات تلك الفلسفة.
كذلك أكد هذا الاتجاه مكتب التربية العربي لدول الخليج انطلاقاً من أبحاث ومقررات مؤتمرات وزراء التربية في بلدان الخليج السبعة.
وأسهمت الجامعات العربية إسهاماً واسعاً في هذا الباب وعنيت بتطوير تدريس الثقافة العربية الإسلامية وإنشاء مراكز ووحدات تهتم بنشرها والتعريف بها. وقد جعل اتحاد الجامعات العربية من بين أهدافه «العناية بالتراث العربي ونشره وتقويم أثره في الحضارة الإنسانية» وورد بين قراراته قرار خاص بوضع الخطوط العريضة لمقرر المجتمع العربي في الجامعات العربية.
وبمناسبة حلول القرن الخامس عشر الهجري، قامت نشاطات عديدة في مجال تأصيل الثقافة العربية الإسلامية، تولتها الجامعات والمنظمات والمؤسسات العربية والإسلامية والدولية المختلفة، وجرى خلالها البحث في أسس التربية العربية والإسلامية المتميزة، ومن أحداث هذه النشاطات «مؤتمر التربية الإسلامية» الذي عقد مؤخراً في بيروت بين 15- 21 آذار/ مارس 1981، والذي دعت إليه اللجنة العليا لاحتفالات القرن الخامس عشر الهجري بالتعاون مع جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية.
تنظيم التعاون العربي بين البلدان العربية في مجال التعليم العالي:
17- يتخذ التعاون بين البلدان العربية في ميدان التعليم العالي شكل التعاون العربي الشامل حيناً، وشكل التعاون الإقليمي الذي يتم بين بعض بلدان المنظمة حيناً آخر، وشكل التعاون الثنائي حيناً آخر. وينظم التعاون العربي الشامل اتحادات الجامعات العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. أما التعاون الإقليمي فأبرز مؤسساته مكتب التربية العربي لدول الخليج.
17-1 ولاشك أن اتحاد الجامعات العربية هو المنظمة الأساسية المعنية بتنسيق التعاون بين البلدان العربية في مجال التعليم العالي. وقد بدأ الاتحاد نشاطه منذ عام 1965، وتتكون هيئاته من المؤتمر العام ومجلس الاتحاد والأمانة العامة. وأهم أهدافه:
أ- توثيق التعاون بين الجامعات والمعاهد العالية العربية وتنسيق جهودها في تحقيق أهداف الأمة العربية.
ب- التعاون على رفع مستوى التعليم الجامعي بما يكفل للشباب العربي المستوى الأمثل من الكفاية.
ج- التعاون على رفع مستوى البحوث العلمية.
د- توجيه العناية إلى البحوث التطبيقية التي تعالج المشكلات التربوية وربط موضوعات البحوث بخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
هـ- العناية بالتراث العربي ونشره وتقويم أثره في الحضارة الإنسانية.
ويمارس الاتحاد نشاطاته من خلال لجان فنية دائمة قام بتشكيلها وهي:
– لجنة سياسة التعليم الجامعي وأهدافه وتنظيمه وتنسيق مستوياته العلمية.
– لجنة البرامج (خطط الدراسة) وتطوير المناهج بحيث تتمشى مع احتياجات المجتمع العربي.
– لجنة الدراسات العليا والبحث العلمي.
– لجنة شؤون الطلبة وكيفية رعايتهم.
– لجنة المكتبات.
– لجنة المعامل والمختبرات.
ومن خلال الدراسات التي قامت بها اللجان الفنية الدائمة هذه اتّخذ الاتحاد قرارات إجرائية أهمها:
– قراراته المتصلة بتأليف كتاب مرجع (الكتاب الأم) عن القضية الفلسطينية.
– قراراته بشأن معادلة الدرجات العلمية الجامعية.
– قراراته الخاصة بتسيير تبادل أعضاء هيئة التدريس بين الجامعات العربية.
– قراره بشأن إصدار دورية عربية للمستخلصات العلمية المنشورة في البلاد العربية، وذلك بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
– قراره بشأن دراسة إمكان إنشاء مركز عربي لتطوير التعليم العالي في الوطن العربي بالتعاون مع المنظمة أيضاً.
هذا بالإضافة إلى ما قام به من إعداد دليل للجامعات العربية بإصدار مجلة باسم مجلة اتحاد الجامعات العربية، ونشر دراسة عن التنظيم الجامعي والإدارة الجامعية (عام 1976) ومن وضع أسس بمعدلات تكاليف إنشاء مؤسسات التعليم العالي ومعدلات الإنفاق السنوي، وبالإضافة إلى العديد من الندوات العلمية والمؤتمرات التي عقدها.
ومن التوصيات الهامة التي صدرت عنه، تلك التي أقرها مجلس الاتحاد في اجتماعه في الإسكندرية في كانون الأول/ ديسمبر 1974، من أجل معالجة النقص في عدد أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات العربية، والتي توصي بإنشاء جامعة على المستوى العربي، على غرار جامعة الأمم المتحدة.
17-2 أما المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم فتتعاون، كما رأينا، مع اتحاد الجامعات العربية في سبيل تطوير التعليم العالي في البلاد العربية، بالإضافة إلى جهودها الخاصة في هذا المجال.
وقد بدأت جهودها هذه منذ أن كانت مجرد إدارة ثقافية تابعة لجامعة الدول العربية. وقد عقدت تلك الإدارة، منذ إنشائها عام 1945، تسعة مؤتمرات ثقافية عربية، بدءاً بالمؤتمر الثقافي العربي الأول الذي عقد في بيت مري، لبنان عام 1947 وانتهاء بالمؤتمر الثقافي العربي التاسع الذي عقد في القاهرة عام 1970. كما عقدت مؤتمرات لوزراء التربية والتعليم في الدول العربية (تابعتها المنظمة العربية بعد ذلك) بالإضافة إلى حلقات وندوات عديدة. وقد كانت جهودها في تلك الفترة في ميدان التعليم العالي محدودة. وتوج جهود الإدارة التربوية قيام المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في آب/ أغسطس 1980 وقامت هذه المنظمة، كما ذكرنا، بجهود مشتركة مع اتحاد الجامعات العربية من أجل تطوير التعليم العالي في البلاد العربية. وقد تضمن تقرير إستراتيجية تطوير التربية العربية الذي نشرته المنظمة عام 1979 اتجاهات وتوصيات هامة تتصل بالتعليم العالي في البلدان العربية توقفت خاصة عند ضرورة تنسيق الجهود المبذولة في هذا المجال وإعادة النظر في التخصصات القائمة وحسن توزيعها على الجامعات العربية، وأكدت ضرورة «إنشاء مركز أو معهد لتطوير التعليم العالي بالبلاد العربية على المستوى القومي في اتحاد الجامعات العربية، للقيام بعمليات التخطيط والتنسيق والدراسات والبحوث عن مشكلات هذا التعليم، ووضع قواعد القبول وتيسير حركة الطلاب والأساتذة والتوثيق وتبادل المعلومات» (التقرير المذكور ص 329). وقد بدأت الدراسات الخاصة بإنشاء هذا المركز، وهي دراسات يتولاها اتحاد الجامعات العربية بالتعاون مع المنظمة العربية.
17-3 ويقوم «مكتب التربية العربي لدول الخليج» الذي تم إنشاؤه بقرار من المؤتمر الأول لوزراء التربية لدول الخليج العربي الذي عقد في الرياض عام 1975 بجهود في ميدان تنسيق نشاطات التعليم العالي في دول الخليج، على رأسها العمل على إنشاء جامعة خليجية، استناداً إلى قرار المؤتمر العام الرابع لوزراء التربية لدول الخليج العربية الذي عقد في البحرين من 3- 4 نيسان/ أبريل 1979.
وقد قطعت الجهود في هذا السبيل شوطاً كبيراً. وقد ورد بين أهداف المكتب الأساسية هدف خاص بالتعليم العالي ينص على «ضرورة التنسيق والتكامل في ميدان التعليم الجامعي والعالي ومراكز البحوث، بتسهيل تبادل الخبرات والتجارب، والعمل على توحيد الدرجات العلمية ومعادلتها، وعلى رفع البحث العلمي وتشجيعه، ودراسة إمكانية إقامة جامعة مشتركة بين الدول الأعضاء». ولهذه الغاية تم تشكيل مجلس أعلى للتعليم العالي في دول الخليج العربي، قام بنشاطات عديدة في هذا المجال، وتابع بوجه خاص موضوع إنشاء الجامعة الخليجية.
ومما تجد الإشارة إليه أن مجلس التعليم العالي هذا عقد دورته العادية السادسة بمقر جامعة البترول والمعادن بالظهران، خلال الفترة الواقعية بين 7 – 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 1980، وأنه اتخذ خلال تلك الدورة مجموعة من التوصيات الهامة حول قبول الطلاب في الجامعات، وحول تبادل الطلاب بين الجامعات وانتقالهم، وحول التنسيق في مجال متطلبات الشهادات ومسمياتها، وحول سلم الدرجات العلمية لأعضاء هيئة التدريس وتبادل أعضاء هيئة التدريس وسوى ذلك. ومما أوصى به إعداد دراسة عن التصورات القائمة للدراسات العليا والبدائل المتاحة فيها. وقد ناقش المجلس موضوعاً هاماً، هو موضوع التكامل بين مؤسسات التعليم العالي وشروط تحقيقه، وما يتصل به من تحديد لدور مؤسسات التعليم العالي في تدريب القوى العاملة وفي «نقل التكنولوجيا واستزراعها وربط البحث العلمي مع مشكلات المنطقة».
– التعاون العربي الدولي:
18- ولقد سار هذا التعاون العربي في ميدان التعليم العالي جنباً إلى جنب مع التعاون الدولي، والتحم به في كثير من الأحيان. وتجلى هذا التعاون الدولي مع الدول العربية في ميادين عديدة وشمل نشاطات مختلفة، ضمّت التعاون في مجال تقديم المشورة والخبرة بأشكالها المتعددة للجامعات العربية ومؤسسات البحث العلمي، وفي مجال تنظيم المؤتمرات والحلقات والندوات، وفي مجال إعداد الكفاءات العربية اللازمة للتعليم العالي، وفي مجال تجديد التعليم العالي وتطوير بناه ومحتواه، وإدارته وطرائقه، وفي مجال تنسيق العمل مع المنظمات العربية والإقليمية وسوى تلك المجالات. ونقدم فيما يلي لمحة سريعة عن أهم معالم هذا التعاون الدولي مع الدول العربية في ميدان التعلم العالي، كما يتجلى خاصة في جهود منظمة اليونسكو التي نشير فيما يلي إلى أهمها في كثير من الإيجاز وبلغة أشبه بلغة البرقيات:
18-1 أسهمت منظمة اليونسكو إسهاماً فعالاً في مؤتمرات وزراء التربية والوزراء المسؤولين عن التخطيط الاقتصادي في الدول العربية (بدءاً بمؤتمر بيروت في شباط/ فبراير عام 1960 وانتهاء بمؤتمر أبو ظبي في تشرين الثاني/ نوفمبر 1977). وقد دعت إلى عقد هذه المؤتمرات ونظمت أعمالها كما أسهمت في تنفيذ الكثير من قراراتها وتوصياتها. وتناولت أعمال هذه المؤتمرات – كما نعلم – التعليم العالي، إلى جانب المستويات الأخرى والأنواع الأخرى من التعليم، وأصدرت العديد من التوصيات بهذا الشأن. وقد استهدفت تلك التوصيات خاصة ربط تطوير التعليم العالي في البلدان العربية بأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، عن طريق رسم الخطط اللازمة لذلك وعن طريق تحقيق التكامل بين حاجات القوى العاملة وبين خطط تنمية التعليم العالي.
18-2 دعت اليونسكو إلى عقد مؤتمر وزراء الدول العربية المسؤولين عن تطبيق العلم والتكنولوجيا على التنمية (كاستعرب) في مدينة الرباط في تموز/ أغسطس عام 1976 (وقد سبقه وأعد له اجتماع الخبراء الذي عقد في الكويت في الفترة ما بين 22 و27 آذار/ مارس 1975 كما سبقته مشاورات عديدة وزيارات شملت 18 دولة عربية). وصدر عن هذا المؤتمر «إعلان الرباط» وتوصيات عديدة هامة. ويعد هذا المؤتمر منطلقاً أساسياً لتطوير العلم والتكنولوجيا في البلاد العربية، لاسيما أن تقرير اليونسكو وضع تحت مظلة هذا المؤتمر مجموعة من برامج اليونسكو الأخرى التي يتم تنفيذها. وقد عززت الجهود التي قامت بها اليونسكو من خلال المؤتمر أعمال «مؤتمر الأمم المتحدة لتسخير العلم والتكنولوجيا لأغراض التنمية» الذي عقد في فيينا في شهر آب/ أغسطس عام 1979 والذي أسهمت فيه اليونسكو إسهاماً فعالاً. وقد عقدت اللجنة الاقتصادية لغربي آسيا، ومقرها بيروت، اجتماعاً إقليمياً سبق ذلك المؤتمر (19-20 كانون أول/ديسمبر 1977) تمت عن طريقه مشاركة العديد من الدول العربية في التحضير له.
ومن أهم توصيات مؤتمر «كاستعرب» التوصية رقم (38) التي نصت على تكليف اللجنة الوزارية الدائمة التي انبثقت عنه «بإعداد الدارسة الفنية اللازمة لإنشاء الصندوق العربي للبحوث العلمية والتكنولوجية، وبأن تتولى الاتصال بالحكومات والهيئات العربية المختصة، وبأن تحرص على إنشاء الصندوق قبل انعقاد المؤتمر العام، برأسمال لا يقل عن 500 مليون دولار». ومن نتائجه الهامة كذلك التوصية رقم (6) التي أوصت الدول والجامعات العربية والأليكسو بمواصلة تطوير المناهج في الجامعات والمعاهد التقنية بحيث تنسجم مع متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وباتخاذ التدابير اللازمة للتدريس باللغة العربية خلال 10 سنوات.
ومن أجل متابعة أعمال هذا المؤتمر الهام نظمت اليونسكو في حزيران/ يونيو 1978 وآب/ أغسطس 1980 حلقتي عمل للخبراء المعنيين في الدول العربية لاستعراض ما أمكن إنجازه من التوصيات.
18-3 أقامت اليونسكو بعض المشروعات الإقليمية في المنطقة العربية ذات الصلة الوثيقة بتطوير التعليم العالي والبحث العلمي، ولا سيما في الميادين العلمية والتقنية، من أهمها:
أ- المشروع الخاص بإنشاء شبكة عربية للبحث الكيمياوي يتم من خلاله تطوير البنى الوطنية والإقليمية الخاصة بالعلوم الكيمياوية عن طريق تبادل المعلومات والخبراء وعن طريق تقديم منح دراسية لهذه الغاية.
ب- المشروع المتعلق بإنشاء شبكة عربية من أجل إعداد المهندسين وتطوير مؤسسات البحث.
ج- مشروع الشبكة الإقليمية الخاصة بتجديد التربية في البلاد العربية من أجل التنمية، وهو مشروع يتناول مختلف جوانب التربية ومراحلها، بما في ذلك التعليم العالي.
د- مشروع الجامعة الفلسطينية المفتوحة، وهو مشروع هام يستهدف إنشاء مؤسسة عليا للتعليم العالي لأبناء فلسطين خاصة، عن طريق مختلف وسائل التعليم عن بعد.
وقد أعدت اليونسكو بالتعاون مع منظمة التحرير الفلسطينية والصندوق العربي للتنمية دراسة جدوى حول هذا المشروع، تم تقديمها إلى منظمة التحرير في شهر حزيران/ يونيه 1980 ومن المأمول أن يبدأ تنفيذ هذا المشروع قريباً بعد توفير التمويل اللازم له.
18-4 تولت اليونسكو تنفيذ عدد من المشروعات الوطنية الخاصة بالتعليم العالي والبحث العلمي في عدد من البلاد العربية أهمها:
أ- المشروع الخاص بإنشاء كلية التربية في جامعة قطر كنواة لهذه الجامعة، وقد اتسع هذا المشروع فيما بعد بحيث ضم نشاطات عديدة تشمل جامعة قطر جملة، ولاسيما إنشاء المبنى الخاص بهذه الجامعة.
ب- التعاون مع جامعة العين في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولا سيما في مجال تقديم التجهيزات والمختبرات العلمية.
ج- المشروع الخاص بإنشاء الكلية الجامعية في البحرين وهو مشروع شامل يشمل تقديم عدد من الخبراء الدوليين إلى جانب التجهيزات والمنح الدراسية.
د- المشروع المتعلق بالتعاون مع جامعة صنعاء وكلية التربية فيها خاصة عن طريق تقديم عدد من المنح الدراسية.
هـ- المشروع الخاص بتدعيم المعهد العالي لمعلمي التعليم التقني في الجزائر، وهو مشروع أخذ طريقه إلى التنفيذ مؤخراً.
و- المشروع المتعلق بتطوير معهد المعلاّ الفني في اليمن الديمقراطية الشعبية.
ز- المشروع الخاص بتطوير الدراسات العليا والبحوث في ميدان العلوم الفيزيائية والبيولوجية في جامعة الإسكندرية.
ح- المشروع الخاص بدعم المركز القومي لتعليم العلوم التابع لجامعة عين شمس بالقاهرة.
ط- المشروع المتصل بإنشاء مركز للدراسات العليا المتقدمة في مجال الهندسة، في جامعة القاهرة.
ي- المشروع الخاص بالتدريب وبالتخطيط في ميدان البحث العلمي والسياسة العلمية في الجزائر.
ك- مشروع معهد التكنولوجيا في البصرة بالجمهورية العراقية.
ل- مشروع معهد الجيولوجيا التطبيقية في جدة بالمملكة العربية السعودية.
م- مشروع محطة الأبحاث المائية في «واد مدني» بالسودان.
ن- المشروع الخاص بكلية الهندسة بالجامعة اللبنانية.
س- عدد من المشروعات الخاصة لعلوم البحار في جامعة قطر وفي جامعة عدن، وفي مركز علوم البحار بالبصرة، وفي مركز أبحاث البحار والأسماك في ليبيا وفي الجزائر ومسقط.
ع- المشروع الخاص بتدعيم جامعة عدن، وهو مشروع يرجى أن يعاود نشاطه قريباً.
18-5 في إطار برنامجها العادي وبرنامج المشاركة، قامت اليونسكو بنشاطات عديدة في مجال التعليم العالي، شملت عدداً من الدراسات والتقارير والندوات من أبرزها:
أ- التقرير الفني الذي صدر عام 1980عن تطوير التعليم العالي في سورية حتى عام 2000.
ب- التقرير الفني (عام 1979) حول تدريب الجهاز الإداري، في جامعة اليرموك بالمملكة الأردنية الهاشمية.
ج- التقرير الفني (1978) حول التخطيط لجامعة صنعاء.
د- الدراسة الصادرة عام 1979 حول نظام المقررات الدراسية في جامعة الخرطوم بالسودان.
هـ- الدراسة الهامة التي وضعها المعهد الدولي للتخطيط التربوي لليونسكو عام 1975 حول التعليم العالي والعمالة في السودان.
و- التقرير الفني (عام 1981) الخاص بتقنين معايير الأثاث والتجهيزات الجامعية في تونس.
18-6 الجهود التي قامت بها المنظمة في مجال الاعتراف بشهادات التعليم العالي، والتي كان أهمها مؤتمرين: أولهما المؤتمر الدولي على مستوى الدول لاعتماد اتفاقية بشأن الاعتراف بدراسات التعليم العالي وشهاداته ودرجاته العلمية في الدول العربية والدول الأوروبية المطلة على البحر المتوسط (نيس، 13 – 17 كانون الأول/ ديسمبر 1978). وثانيهما المؤتمر الدولي على مستوى الدول بشان الاعتراف بدراسات التعليم العالي وشهاداته ودرجاته العلمية في الدول العربية (باريس 18 – 22 كانون الأول/ ديسمبر 1978).
19- هذه نظرة خاطفة إلى أهم جوانب تعاون اليونسكو مع الدول العربية في حقل التعليم العالي والبحث العلمي. وواضح أن هذه النشاطات المختلفة التي تقوم بها هذه المنظمة الدولية وسواها تستهدف أولاً الاستجابة لمطالب الدول العربية في هذا المجال، في إطار سياستها العامة في ميدان التعليم العالي (ومن هنا فإنها لا تتخذ مكانتها وشانها إلا من خلال وضوح هذه السياسة وتكاملها) وهي في حقيقة أمرها أشبه بالبذور الطيبة التي تزرع هنا وهناك في الأرض العربية، والتي يقع على عاتق الدول العربية أولاً وقبل كل شيء تعهدها ورعايتها ودمجها في إطار الخطط التي ترسمها لنفسها. ومن هنا قلنا ونقول أن هذا التعاون الدولي، على شأنه وقيمته، لا يؤتى كامل ثمراته إلا إذا رافقه تعاون عربي واع لأهدافه، وإلا إذا أخصبته وقوت ساعده ووضعته في إطاره السليم الجهود الوطنية المنظمة في ميدان التخطيط للتعليم العالي وتطويره.
مشكلات التعاون العربي الدولي في مجال التعليم العالي:
20- يستبين من العرض السابق أن هنالك تعاوناً وثيقاً بين الدول العربية في ميدان التعليم العالي يرفده ويتكامل معه تعاون دولي واسع النطاق. ويشمل هذا التعاون أوجه التعليم العالي المختلفة، بدءاً من تبادل الطلاب والأساتذة والإداريين، وانتهاء بالعناية المشتركة بربط التعليم العالي بالتراث العربي الإسلامي وتوليد تعليم عام أصيل الطابع متميز السمات، فضلاً عما يصحب هذا كله من جهد مشترك لتطوير محتوى هذا التعليم وطرائقه وتقنياته وللانطلاق في طريق البحث العلمي الهادف إلى بناء القدرة العلمية والتكنولوجية المتجاوبة مع حاجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد العربية.
على أن هذا التعاون يشكو من مشكلات لابد من التنبيه إليها والعمل على معالجتها:
أ- ففي مجال تبادل الطلاب، يسير هذا التبادل في اتجاه وحيد الطرف إلى حد بعيد، بمعنى أن هنالك تدفقاً من طلاب البلدان الناشئة (والغنية) نحو جامعات البلدان التي قطعت شوطاً أبعد وأوسع في ميدان التعليم العالي. وهذا أمر طبيعي، غير أنه لا يحقق المعنى القومي العميق للتبادل، نعني التبادل أخذاً وعطاء بين طلاب جامعات المنطقة جميعها، الذي من شأنه أن يؤدي إلى انصهار ثقافي وعلمي أكمل بين الأجيال الشابة في مختلف البلدان العربية. ذلك أن تبادل الطلاب بين جامعات البلدان العربية ينبغي ألا يكون هدفه عملياً محضاً يقتصر على توفير الأماكن للطلاب الذي لا يجدونها في بلادهم، بل ينبغي أن تكون له أهداف إيجابية واعية ومرسومة، على رأسها توفير التفاعل القومي بين الأجيال العربية الشابة والإفادة المتبادلة من تجارب البلدان العربية المختلفة في ميادين الثقافة والعلوم والتكنولوجيا.
على أن هذه المشكلة بدأت تلقى بعض الحلول في السنوات الأخيرة، ويتجلى ذلك في ظاهرتين هامتين: الأولى انتساب عدد متزايد من أبناء الدول العربية إلى الجامعات الناشئة في البلدان الغنية نفسها، وذلك بحكم تزايد عدد العاملين في هذه البلدان الذين يقصدونها من بلدان عربية أخرى. والثانية عزم بلدان الخليج العربي على إنشاء جامعة خليجية، تحقق تفاعلاً أوسع بين أبناء الخليج، ويرجى أن تتسع في المستقبل لاستقبال طلاب من غير أبناء الخليج.
ب- وفي ميدان تبادل الأساتذة والإداريين يؤدي هذا التبادل أحياناً إلى إفقار الجامعات العريقة في البلدان العربية من أطرها بحكم انجذاب هذه الأطر إلى العمل في جامعات البلدان الناشئة حيث تحظى بشروط مادية فضلى. وعلى الرغم من وجود وفرة في الأطر التعليمية والإدارية في بعض الجامعات العريقة، يظل من الصحيح أن هنالك ندرة لديها في أصحاب الاختصاصات العلمية والتكنولوجية، ويظل من الصحيح فوق هذا وقبل هذا أن تبادل الأساتذة والإداريين وحيد الاتجاه في الجملة، مما لا يؤدي إلى التفاعل الثقافي القومي الكامل.
ج- وفي ميدان محتوى التعليم وطرائقه وتقنياته وبنيته، كثيراً ما يأخذ التبادل شكل نقل النماذج السائدة في الجامعات العريقة إلى الجامعات الناشئة، بدلاً من توليد نماذج جديدة، أكثر تجاوباً مع حاجات البلدان الفتية، وبدلاً من العمل المشترك من أجل خلق كيانات جامعية متجددة في الجامعات الفتية والمسنة على حد سواء عن طريق التعاون فيما بينها.
21- وجملة القول أن هذا التعاون ، بأبعاده المختلفة، قلما يقوم في إطار خلق نظام جامعي عربي، له أسسه ومنطلقاته المشتركة، إلى جانب سماته ولويناته الخاصة بكل بلد عربي، وله هويته ومعالمه المتميزة. ذلك أن هذا التعاون ما يزال تمليه الحاجات العملية المباشرة، أكثر مما تمليه أهداف أعمق وأبعد.
22- ومن هنا كان التعاون الدولي الذي يتم في إطار هذا التعاون العربي القائم، مقصراً عن مداه، وذلك لعدم توافر تعاون عربي أعمق يعمل التعاون الدولي في سياقه.
ولقد قلنا منذ البداية أن التعاون الدولي لن يكون على النحو المرجو إلا إذا قام من خلال تعاون عربي مدرك لأهدافه المشتركة، عامل على بناء تجربته الثقافية العلمية الذاتية. على أن من الحق أن نقول أن التعاون الدولي يسهم، في كثير من جوانبه، في توثيق هذا التعاون العربي المتكامل ويهيئ التربة اللازمة لتطويره وتعميقه. ولا نغلو إذا قلنا أن هذا التعاون يلعب إلى حد كبير دور العامل بالتماس، نعني دور المحرض على انطلاق تعاون عربي أعمق. فالمؤتمرات العربية التي تنظمها اليونسكو مثلاً، بالتعاون مع المنظمات العربية وعلى رأسها الأليكسو، والمشروعات الإقليمية التي تعمل على إنشائها والخبراء الدوليون الذين ينبثون في أرجاء الأرض العربية (وجلهم من العرب أنفسهم)، والاتجاهات الفكرية والعلمية والتربوية الجديدة، التي تشيعها المنظمات الدولية في مختلف البلدان العربية، وغير ذلك كثير، من شانها جميعها أن تولد تربة ثقافية وعلمية مشتركة. ويبقى من مهمة البلدان العربية نفسها أن تفيد من هذه الجهود على أفضل وجه، وذلك عن طريق دمجها دمجاً عضوياً في إطار نظرة عربية متكاملة.
23- على أن تعاون البلدان العربية مع العالم في مجال التعليم العالي لا يأخذ دائماً شكل التعاون الدولي من خلال المنظمات الدولية وحدها، بل كثيراً ما يتخذ سبيلاً أخرى لا تخلو من مخاطر، نعني سبيل التعاون الثنائي مع البلدان الأجنبية. وعلى الرغم من أن هذا التعاون الثنائي تفرضه الحاجات العملية السريعة في كثير من البلدان العربية، فإن من الصحيح أن هذا التعاون كثيراً ما يفسد التعاون العربي ويطغى عليه وكثيراً ما يؤدي إلى استمرار التغريب الثقافي والتبعية العلمية. وقد رأينا أن عدداً لا يستهان به من الأساتذة والإداريين في الجامعات العربية الناشئة ينتسبون إلى جنسيات أجنبية، وأن عدداً كبيراً من بعوث الطلاب تتجه نحو الدراسة في البلدان الأجنبية. ويرجع هذا كله إلى التفوق العلمي الذي نجده في البلدان الأجنبية المتقدمة، وإلى تقصير التعليم العالي في البلدان العربية عن المستوى المطلوب وعجزه عن أن يكون في مصاف التعليم العالي حتى في البلدان الأجنبية نصف المتقدمة. ومن هنا ترتد المسألة كلها إلى المسألة التي طرحناها منذ البداية: كيف نجعل من التعاون العربي والدولي سبيلاً لبناء تعليم عال يولد علماً عربياً متقدماً وتكنولوجياً عربية متقدمة وثقافة عربية أصيلة وحديثة معاً؟
مقترحات وإطلالة على المستقبل:
24- يبلغ عدد سكان الوطن العربي اليوم حوالي 165 مليوناً، وبلغ دخلها القومي عام 1976 حوالي 280 بليون دولار ويبلغ اليوم ما يزيد على 350 بليون دولار، معظمه من العائدات البترولية، ومع ذلك، فإن هذا الدخل القومي الذي قد يبدو كبيراً، لا يمثل، عام 1977، سوى 29% من الدخل القومي لليابان، و9% من الدخل القومي للولايات المتحدة و11% من الدخل القومي لدول السوق الأوروبية المشتركة. أما الدخل القومي للفرد فيتراوح (عام 1967) بين 15.480 دولاراً كما في الكويت و250 دولاراً كما في اليمن الشمالية
(11 دولاراً في الصومال).
وإذا نظرنا إلى الدخل القومي الذي ينتجه كل فرد عربي نتيجة عمله وجهده لا نتيجة بيع البترول لوجدناه من أدنى الدخل في العالم.
25- وإذا نحن تطلعنا بأنظارنا إلى نهاية القرن الحالي وتباشير القرن القادم، لوجدنا أن عدد سكان البلاد العربية سوف يبلغ حوالي 285 مليوناً كثرتهم الكاثرة في البلدان غير البترولية ولوجدنا احتياطي البترول قد قارب النفاد، ولألفينا الموارد الغذائية – إن استمرت الاتجاهات الحالية في المستقبل – مقصرة عن الوفاء بحاجات التزايد الكافي، وأن ما تحتاج البلدان العربية إلى استيراده من الحبوب سوف يبلغ زهاء خمسين مليون طن أي نصف حاجاتها الإجمالية منه. أما الصناعة التي ما تزال حديثة العهد في هذه البلدان، فلن تحقق نمواً ذا شأن إذا استمرت الاتجاهات الحالية أيضاً (إذ لا يتجاوز معدل نموها السنوي 7.3%، ولن تتجاوز قيمتها الإجمالية 24 بليون دولار عام 2000 مقابل 15 بليون دولار عام 1974).
26- وفي الوجه الآخر من الصورة، نجد أن في المنطقة العربية حالياً حوالي 50 مليون هكتار قابل للزراعة، لا يزرع منها إلا ثلثها، وإن العائدات البترولية التي تزيد على مئتي بليون دولار مركزة في رقعة هي أقل البلدان العربية سكاناً، وإن فوائض الدول العربية الأعضاء في الأوبيك (ما عدا الجزائر) بلغت حوالي مائة وخمسين بليون من الدولارات خلال السنوات 1974 – 1978.
27- هذه الحقائق تشير إلى أمر واضح يجأر أمام الأعين وهو ان أي تقدم جدي لا يمكن أن يتم في المنطقة العربية إلا عن طريق التعاون العربي، وأن الإعداد لعصر ما بعد البترول – وهو منا قريب – وتجنب أزمة الغذاء الخطيرة التي تهدد البلدان العربية، وتطوير الصناعة تطويراً جذرياً، أمور لا تتم إلا عن طريق التعاون العربي بأبعاده المختلفة، وعلى رأسه استخدام الثروات النفطية الغزيرة نسبياً من أجل تحقيق التنمية في المنطقة بأكملها.
28- ولا حاجة إلى القول أن طريق البلدان العربية – وبلدان العالم الثالث جملة – إلى النظام العالمي الجديد المتحرر من التبعية ومن سيطرة القوى الاقتصادية العالمية الكبرى
لا سيما الشركات متعددة الجنسية، هو طريق أهم ما فيه إقامة مجمعات اقتصادية إقليمية قادرة على البقاء وعلى الإفلات من قبضة الاستعمار الجديد.
29- على أن هذا التعاون والتوظيف المثمر للثروات الاقتصادية في البلدان العربية
لا يمكن أن يؤتي أكله إلا إذا تم من خلال سياسة شاملة متكاملة، لا عن طريق الجهود الطارئة أو المحدودة، وإلا إذا استهدف صياغة إستراتيجية كاملة للتحولات الهيكلية في الاقتصاد العربي، أهم ما فيها:
أ- إعادة صياغة بنية الاستهلاك على أساس الحاجات الاجتماعية الحقيقية.
ب- إعادة تشكيل الهياكل الزراعية والصناعية.
ج- تعبئة الموارد البشرية من أجل استيعاب التكنولوجيا واكتسابها وإبداعها بدلاً من نقلها وشرائها.
د- تأكيد البعد الاجتماعي والثقافي للتنمية والتقدم.
30- وليس هنالك من ينكر أهمية المنظمات الاقتصادية الإقليمية القائمة في البلدان العربية، مثل السوق العربية المشتركة التي أنشئت في 13 آب/ أغسطس 1964 ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية الذي خَلَف عام 1965 اتفاقية الوحدة الاقتصادية لعام 1962، إلى جانب العديد من الاتحادات التي تعنى بالتعاون الاقتصادي. غير أن أهداف المنظمات تقصر عن مستلزمات التعاون الذي يؤدي إلى تغيير أساسي في هياكل الإنتاج الصناعي والزراعي، ولا تؤدي إلى تعبئة متكاملة للموارد البشرية والمالية.
على أن مما يبعث على التفاؤل اهتمام مؤتمرات القمة العربية بالتكامل والتعاون في ميادين التنمية، والاتفاق الذي تم التوقيع عليه مؤخراً في الرياض في شباط/ فبراير 1981 الخاص بإنشاء مجلس تعاون لدول الخليج العربية. ومما ورد بين أهداف هذا المجلس تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين بلدان الخليج العربية في مختلف الميادين الاقتصادية والمالية والاجتماعية والثقافية والصحية وسواها واعتبار ذلك جزءاً لا يتجزأ من التكامل العربي الشامل.
31- وواضح أن هذا كله لا يمكن أن يتم إلا إذا لعبت التربية عامة دوراً أساسياً ومتكاملاً مع حاجات التنمية، وإلا إذا كان للتعليم العالي خاصة شأنه القيادي في تحقيق هذا التحول الاقتصادي والعلمي والثقافي.
ومن هنا يتحدد دور التعاون العربي والدولي في ميدان التعليم العالي، ويرتد في خاتمة المطاف إلى مهمة أساسية: وهي تكوين نظام عربي متكامل في ميدان التعليم العالي، يستهدف خلق القدرة العلمية والتكنولوجية العربية ونقل المجتمع العربي من مجتمع مستهلك للحضارة إلى حد بعيد إلى مجتمع مبدع لها مسهم في بنائها وتطويرها.
32- وإذا أردنا ترجمة ذلك إلى خطة عمل، أمكن أن نقدم المقترحات الآتية:
أ- متابعة العمل على إنشاء المركز العربي لبحوث التعليم العالي وهو مشروع ترجع فكرة إقامته كما نعلم إلى عام 1971 وقد أقره المجلس التنفيذي للمنظمة العربية في دورته الخامسة والعشرين، وتم وضع نظامه الأساسي، وفي رأينا أن أهداف هذا المركز كما وردت في نظامه الأساسي جديرة بأن توسع وتعدل.
ب- إنشاء جامعة عربية، تكون بمثابة نموذج وتجربة رائدة، توفر لها الإمكانات المادية والبشرية الكفيلة بجعلها في مصاف الجامعات العالمية المتقدمة، ويكون من بين أهدافها إعداد القوى البشرية اللازمة للتعليم العالي في البلاد العربية. وتتولى هذه الجامعة، بالإضافة إلى مهماتها الأخرى، مهمة أساسية في العناية بالتراث العربي الإسلامي، وبدراسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للبلاد العربية، وتوجه دراساتها وأبحاثها نحو معالجة مشكلات هذا الواقع بوجه خاص. ويقوم في هذه الجامعة مركز يعنى برصد حصاد التجربة العالمية في شتى ميادين المعرفة رصداً مستمراً قادراً على أن يقدم أحدث ما في هذه التجربة عن طريق الترجمة والتأليف والنشر، بحيث يكون الموئل الذي يغذي العلماء وأساتذة الجامعات والطلاب وسواهم بجديد الجديد في شتى ميادين المعرفة الإنسانية، وبحيث يكون بالتالي المتكأ الذي يرقى عليه البحث العلمي العربي في شتى المجالات ليكون مبدعاً خلاقاً.
ج- وضع نظام ثنائي البنية لتكوين المختصين بعد المرحلة الجامعية الأولى ولا سيما في مرحلة الدكتوراه، من شأنه أن يجعل هذا التكوين وثيق الاتصال بحاجات المجتمع العربي، وأن يساعد على الحيلولة دون هجرة الكفاءات العربية، وأن يجنب الوقوع في مخاطر التغريب والاستلاب الثقافي، وذلك عن طريق تنظيم ذلك التكوين تنظيماً مزدوجاً يتم في البلاد العربية والبلاد الأجنبية معاً. ويمكن أن يتوافر ذلك عن طريق نظام يجعل الدراسة العليا للطالب العربي في البلدان الأجنبية جزءاً مكملاً لدراسته العليا في جامعة عربية هي التي تمنحه في النهاية الشهادة العليا المطلوبة، كما تحدد موضوع دراسته وأسلوب عمله.
د- قيام اتحاد الجامعات العربية بوضع خطة لتبادل الطلاب والأساتذة والإداريين بين مؤسسات التعليم العالي في الوطن العربي. وقد يكون من وسائل هذه الخطة وضع نظام للمنح الدراسية يتم عن طريقه تبادل الطلاب والتوسع في نظام الأساتذة الزائرين بين جامعات البلدان العربية، ووضع نظام يمكّن من تبادل القمم العلمية بين البلدان العربية بحيث يتفرغون للعمل في إطار جامعات غير جامعات بلادهم في مجال البحث والتأليف والتدريس الرفيع المستوى. وقد يقع في هذا الإطار أيضاً وضع نظام لتبادل الخريجين المتفوقين في كل جامعة عربية بحيث تقدم لهم المنح الدراسية التي تمكن فريقاً منهم من ارتياد جامعات عربية غير جامعات بلادهم من أجل إعداد دراسات لنيل الشهادات العليا كالماجستير والدكتوراه، تدور حول موضوعات تتصل بمشكلات وحاجات البلدان العربية التي يوفدون إليها. ويتبع ذلك تخصيص بعض هذه المنح التي تعطى للمتفوقين للقيام بدراسات عليا تتصل بموضوعات تدور حول التكامل العربي ضمن إطار اختصاصاتهم المختلفة.
هـ- قيام اتحاد الجامعات العربية بعقد اتفاقات ثقافية مع بعض جامعات الدول الأجنبية في البلدان المتقدمة والنامية من أجل تبادل الزيارات العلمية بين الأساتذة العرب الذين يتم اختيارهم على المستوى القومي الشامل وبين أساتذة الجامعات الأجنبية.
و- توجيه العناية إلى التعاون الدولي في مجال التعليم العالي الذي يتم خاصة في إطار مشروعات إقليمية شاملة للمنطقة العربية، ولا سيما فيما يتصل بتجديد التعليم العالي بنى وتقنيات وإدارة، وفيما يتصل بتكوين البنى الذاتية للتقدم العلمي والتكنولوجي.
ز- الاهتمام بالتعاون العربي في ميدان التعليم العالي مع بلدان العالم الثالث ولا سيما أفريقيا وآسيا وعلى رأسها البلدان الإسلامية.
ح- إنشاء صندوق مشترك لتمويل التربية في البلاد العربية – وعلى رأسها التعليم العالي – إنفاذاً لتوصيات مؤتمر مراكش عام 1970 التي كررها مؤتمر أبو ظبي عام 1977.
خاتمة:
33- يخطو التعاون العربي في ميدان التعليم العالي – شانه في سائر الميادين – خطوات واضحة، بحكم وحدة الوجود العربي والتكامل الطبيعي الذي تفرضه مقوماته العديدة المشتركة. ويسعف هذا التعاون العربي تعاون دولي يهب للتجربة العربية بعدها العالمي ويغنيها بحصاد التجارب الإنسانية المشتركة.
ولا شك أن هذا التعاون العربي – ومن ورائه التعاون الدولي – سوف يستمر في النمو نمواً طبيعياً بحكم الروابط القومية والحاجات العملية، ولابد أن يؤتي بعض الثمرات في التنمية العربية عامة على مر السنين. غير أن المسألة تكمن في الانتقال من التعاون العربي الذي يسير عفو الخاطر ووفق الضرورات العملية الواقعية، إلى تعاون أوعى لأغراضه، قادر على التعجيل في الخطى وعلى السيطرة على زمام التطور، بحيث يكون له في صنع المستقبل العربي المنشود شأن ونصيب. وتزداد أهمية هذا المطلب في عصر مغذّ في سيره، لا يقبل منطق التطور العادي، وفي جو عالمي تشتد الحاجة فيه إلى تصحيح مسار الإنسانية عن طريق إسهام دول العالم الثالث خاصة، وعلى رأسها المنطقة العربية، في بناء مجتمع إنساني جديد يرفض التبعية ويغتذي بعطاء الحضارات المختلفة، ويجعل من تنمية بلدان العالم الثالث شرطاً لازماً لتنمية الإنسانية جمعاء ولخلاص الدول المتقدمة نفسها من أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
34- ومن هنا يقع على عاتق التعاون العربي أن يغادر سيره العادي وأن يكون ذا أهداف حاسمة وفاعلة وناجعة، قادرة على إطلاق قوى الإبداع العربي في شتى المجالات.
ويمثل التعاون في ميدان التعليم العالي مكانة أساسية في مثل هذا القصد، إذ يتم عن طريقه خاصة توظيف الطاقات المالية والبشرية العربية الوفيرة في سبيل خلق حضارة عربية جديرة بإمكانات الأمة العربية وطاقاتها ورسالتها. ويتم ذلك عن طريق سياسة عربية في التعليم العالي تجسد محتوى هذا التعليم وطرائقه، وتربط بينه وبين حاجات الواقع العربي، وتزود الأجيال العربية بالكفاءة العلمية والتقنية اللازمة لإطلاق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولبناء المجتمع الأصيل الحديث.
35- والسبيل إلى ذلك هو أن تكون لهذا التعاون العربي في ميدان التعليم العالي – كما في سائر الميادين – أقنيته وأجهزته المركزية التي تجمع شتاته وتضعه في إطار متكامل وشامل وتجنبه الكثير من الهدر والضياع. والهام أن تنطلق هذه الأجهزة في عملها من سياسة واضحة المعالم ومن إستراتيجية محددة الأهداف ممرحلة الخطوات، وأن تضطلع بمهمتها هذه بالتعاون الوثيق والتكامل اللصيق بينها وبين الأجهزة المعنية بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
36- ولا يقتصر الأمر في هذا على إنشاء صندوق عربي يتولى تمويل التعليم العالي والبحث العلمي خاصة والتربية عامة، بل لابد أن يتكامل عمل هذا الصندوق مع عمل الجهاز المركزي والأجهزة الفرعية التي ينبغي إنشاؤها من أجل تطوير التعليم العالي تطويراً علمياً مدروساً. ومن هنا كان إنشاء مركز عربي لتطوير التعليم العالي، إلى جانب الصندوق المشترك لتمويل التعليم العالي وسواه، شرطاً أساسياً لعملية التطوير هذه.
37- غير أن هذه الجهود لا يمكن أن تؤتي أكلها إلا إذا تمت من خلال مبدأين متكاملين:
أ- غلبة الهدف العربي المشترك في ميدان تطوير التعليم العالي على الأهداف الخاصة بتطوير التعليم العالي في إطار كل بلد عربي على حدة.
ب- الاهتمام بتطوير التعليم العالي في كل بلد عربي عن طريق التعاون العربي، وفي إطار السياسة العربية المشتركة.
38- ووراء هذه الجهود كلها لابد أن تبرز روح الإيمان العميق بأن التعاون العربي – إلى جانب كونه مطلباً قومياً وحضارياً – هو السبيل الوحيد لتجاوز الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يتعرض لها الوجود العربي، والتي ستشتد وتتعاظم – إذا لم تعبأ الجهود لتجاوزها – خلال العقود القادمة نتيجة للأزمة العالمية ولنفاد الطاقات البترولية في البلاد العربية.
إن جهد البلاد العربية، في شتى الميادين، ينبغي أن ينطلق من نظرة تحسبية مستقبلية،
لا من النظرة الآنية المباشرة أو من موقف اتكالي مرجئ للمشكلات ولحلها، وإنها مدعوة إلى أن تكتب منذ اليوم تاريخ الغد وإلى أن تخطط له وتجهد في سبيل الوصول إليه.
39- ومن خلال هذه النظرة المستقبلية التي لابد أن يكون للتعليم العالي دور الرّيادة في بنائها والعمل على تحقيقها، تستطيع الدول العربية أن تضع العون الدولي في إطاره الصحيح، بحيث يكون إغناء ومداً لتجربتها الذاتية، بل بحيث تبادر بدورها إلى منح هذا التعاون الدولي معاني أعمق عن طريق إسهامها في تقديم العون والخبرة للبلدان النامية خاصة.
40- وأخيراً، وليس آخراً، لابد من توعية شاملة لأبناء البلدان العربية، لا للمسؤولين وحدهم، حول أهداف التعاون العربي، ولا سيما في مجال التعليم العالي، تؤدي إلى تعبئة كاملة لقواهم وإلى توليد إرادة العمل المشترك في سبيل بناء ما ينقذهم وينقذ الأجيال الآتية، وفي سبيل وضع الصيغة الحضارية العربية والرؤية العربية للمستقبل العربي وللنظام العالمي الجديد. وهل ثمة أقدر من التعليم العالي على قيادة هذه التوعية، وعلى صياغة تلك الرؤية، وعلى توليد الفكر الذي هو دوماً وأبداً مصدر القدرة ومنطلق التغيير؟

الملحق رقم 1
عدد الطلاب الأجانب في التعليم العالي وتوزعهم على البلاد العربية في ثلاث عشرة دولة عربية
البلد العدد الإجمالي للطلاب العدد
الإجمالي للطلاب الأجانب توزيع الطلاب العرب على البلاد العربية
الجزائر مصر ليبيا المغرب موريتانيا الصومال السودان تونس البحرين العراق الأردن الكويت لبنان قطر السعودية سورية الإمارات اليمن الشمالي اليمن الجنوبي عمان بلاد عربية
أخرى مجموع الطلاب العرب النسبة المئوية
الأردن 78/79 20383 427 – 8 1 5 – – – – 2 27 – – 48 11 47 29 7 8 – 56 – 249 1.2
البحرين 77/78 1207 50 – – – – – – – – – – – – – 4 – – – – – 24 20 48 3.9
تونس 78/79 28618 615 32 8 8 58 44 – 5 – – 25 15 – 68 – 2 14 – – – – – 274 95
الجزائر 77/78 51983 2156 – 7 – 11 – – 8 53 – 5 – – 130 – – 33 – 28 87 – – 362 69
السعودية 78/79 47242 8880 35 647 2 76 63 124 257 33 227 133 786 57 67 42 – 233 22 622 33 9 604* 4009 8.48
السودان 78/79 25863 ؟ – 895 – – 1 1 – – – 3 5 – 69 – 1 72 – – – – 49* 999 3.86
سورية 75/76 69247 7032 91 88 8 19 7 3 135 53 83 277 2252 6 362 3 55 – 11 120 – 27 – 3652 5.27
العراق 78/79 93879 5582 12 334 19 61 37 66 323 31 216 – 593 32 437 2 62 279 35 241 11 20 2018* 5099 5.43
قطر 76/77 765 380 – 46 – – – 3 1 – 157 1 48 – – 1 21 2 3 23 – 7 312 40.78
الكويت 78/79 8508 3081 1 249 – 2 14 42 20 1 443 89 906 117 9 162 39 93 58 93 25 2363 27.77
ليبيا 78/79 15063 890 19 395 5 9 1 61 19 8 – 65 – 42 – – 32 – 33 33 – 689 4.57
مصر 74/75 381017 19655 ** ** ** ** ** ** ** ** ** 988 0.25
المغرب 78/79 62107 1241 89 50 15 186 9 65 77 – 21 150 1 69 – 1 2 – – – – 159*
الجملة 805845 51009 279 2727 53 237 360 356 866 537 1136 581 4815 96 1340 72 355 736 172 1100 248 168 3009 19243 2.38
بيانات مستخلصة من الحولية الإحصائية لليونسكو عام 1980 ومن الإحصاءات التي تقدمها البلدان العربية للمنظمة
* فلسطين.
** غير مبين.

الملحق رقم 2
الطلاب العرب الدارسون بالمستوى الثالث من التعليم
عام 1975 في بلادهم وخارج بلادهم
البلد دارسون خارج الوطن دارسون بالوطن
الجزائر 7.968 41.947
البحرين 7.427 703
جيبوتي – –
مصر 7.188 455.097
العراق 4.219 86.111
الأردن 11.601 9.302
الكويت 1.548 8.104
لبنان 7.321 44.296
ليبيا 2.126 11.997
موريتانيا – –
المغرب 9.344 45.322
عمان 132 –
قطر 230 779
السعودية 3.835 26.437
الصومال 511 2.040
السودان 2.778 21.342
سورية 6.096 73.660
تونس 8.460 20.505
الإمارات 392 –
اليمن الشمالية 1.176 2.408
اليمن الديمقراطية 1.022 934
فلسطين 6.201 –
غير محدد 17.264 –
مجموع الدول العربية 100.812 850.844
المجموع العالمي 630.751
المصدر: الحولية الإحصائية باليونسكو عام 1977.

الملحق رقم 3
توزع الطلبة السعوديين الذي يدرسون في الخارج للعام 1977/78
المجموع العام 0.096
الأقطار العربية 2.090
مصر 1.580
لبنان 165
العراق 117
الأردن 18
الكويت 78
سورية 119
السودان 3
المغرب 2
تونس 4
ليبيا 1
الإمارات 1
قطر 2
الأقطار الأوروبية 833
فرنسا 34
المملكة المتحدة 504
ألمانيا 129
سويسرا 11
إيطاليا 42
اليونان 6
النمسا 106
السويد 1
أمريكا 5.851
الأقطار الأخرى 322
المصدر: إحصاءات التعليم العالي في المملكة العربية السعودية 1397/1398 هـ الصادرة عن الإدارة العامة لتطوير التعليم العالي.
الملحق رقم 4
توزع أعضاء الهيئة التدريسية تبعاً للجنسية في جامعة الكويت من عام 1975 إلى عام 1979
(يستثنى الكويتيون البالغ عددهم 99 عضواً عام 1979)

البلد/ السنة 75 76 77 78 79 المجموع النسبة المئوية
مصر 33 21 28 53 24 159 41.1
العراق 4 6 7 6 24 27 7
الأردن 3 7 4 7 24 25 6.5
سورية 1 3 2 1 24 12 3.1
فلسطين – 2 3 4 24 10 2.6
لبنان 1 2 4 1 24 9 2.3
السودان 1 3 6 6 24 18 4.7
الخليج – 1 – – 24 1 0.3
الولايات المتحدة (من أصل عربي) 11 5 5 4 24 30 3.6
كندا (من أصل عربي) 2 2 2 3 24 14 3.6
بريطانيا (من أصل عربي) – – 2 1 24 3 0.8
الولايات المتحدة 4 4 4 1 24 20 5.2
بريطانيا 3 7 11 2 24 29 7.5
تشيكوسلوفاكيا – – 2 – 24 6 1.6
الهند – باكستان – بنغلاديش 3 2 5 5 24 16 4.1
بلدان أخرى 1 1 – 4 24 8 3.1
المجموع الكلي 24 387 100

المصدر: الدكتور حسن إبراهيم سمير عنبتاوي في كتاب (هجرة الكفاءات العربية) للدكتور أنطوان زحلان، مؤسسة دراسات الوحدة العربية/ بيروت/ 1981.

الملحق رقم 5
توزع موظفي كلية التربية في جامعة قطر حسب الجنسية
عام 1977/1978

البيان جنسيات عربية جنسيات غير عربية
قطري بحريني مصري فلسطيني أردني سوري يمني سوداني لبناني عراقي باكستاني هندي أمريكي إنجليزي أسترالي دانمركي الجملة
أعضاء هيئة التدريس 1 – 69 – 4 52 – 3 – 4 – – 3 3 – 1 140
المدرسون والمساعدون والمديرون 58 58
المدرسون خارج هيئة التدريس ومشرفو التربية 26 1 2 29
الإداريون والفنيون 24 1 76 4 5 – 1 – – – 2 – – 1 1 – 115
الجملة 83 1 180 4 9 2 1 3 1 4 2 1 4 7 2 1 305

المصدر: التقرير السنوي، وزارة التربية والتعليم والشباب/ دولة قطر/ عام 1977/ 1978