مبادئ تأويل الأحلام عند ابن سيرين وسائر المفسّرين العرب

مجلة العربي الكويتية – العدد 96 – تشرين الثاني/نوفمبر 1966
من تراث العرب النفساني
مبادئ تأويل الأحلام عند ابن سيرين وسائر المفسرين العرب
بقلم: الدكتور عبد الله عبد الدائم
(2)
في كلمة سابقة بينا الإطار التاريخي لتأويل الأحلام عند العرب، وتحدثنا خاصة عن حقيقة ابن سيرين، ورأينا أن ما نسب إليه من تأويل الحلم لا يعدو أن يكون اختلاقاً، قصد لأغراض عديدة، أهمها رغبة المفسرين المتأخرين (بدءاً من القرن الثالث والرابع الهجري) في أن يعطوا صفة الشرعية الدينية لعلمهم المجلوب الذي سقوه من يونان، ومن أرطميدورس خاصة، ثم أفلاطون وأرسطو. وهكذا اختاروا القاضي الورع والفقيه الديني ابن سيرين ليكون مثلاً لهذا العلم الدنيوي.
وقد كان حديثنا هناك مقدمة لما قصدنا إليه منذ البداية: نعني جلاء أصول تفسير الأحلام عند العرب وبيان الصلة بين مبادئه وبين ما نعرفه اليوم من حقائق تفسير الحلم، لا سيما بعد دراسات علم النفس الحديث، وعلى رأسها دراسات «فرويد».
وللقيام بهذه المهمة لابد أن نتحدث عن جانبين: الأول هو المبادئ التي أتبعها مفسرو الأحلام عند العرب – ممثلين بابن سيرين المزعوم – في تفسير الأحلام. والثاني مدى ما تشتمل عليه هذه المبادئ من حقائق قريبة من الدراسات العلمية الحديثة، وعلى رأسها دراسات «فرويد».
وسنبحث في هذه الكلمة عن الجانب الأول، دون أن نهمل أن نبين من خلاله مدى التقارب بين أصول تفسير الأحلام عند العرب وأصوله عند المُحدثَين، ممهدين بذلك للكلمة التالية والأخيرة، التي نتحدث فيها حديثاً مباشراً عن القيمة العلمية لتأويل الأحلام عند العرب وعن نقاط اللقاء بينه وبين تأويل الأحلام حديثاً.
المبادئ التي ينبغي أن يتبعها مفسر الأحلام:
إن حديثنا عن هذه المبادئ – كما يراها العرب وكما تراها الأقوال المنسوبة إلى ابن سيرين – يبين بوضوح أن مفسري الأحلام عندهم لم يلجأوا كما قد يظن إلى نوع من التأويل الجامد الحرفي، ولم يردُّوا الأمر في النهاية إلى «مفاتيح» وإلى ترجمة حرفية للغة الحلم إلى لغة أخرى. بل جعلوا من تأويل الحلم فناً وعلماً قائماً بذاته يحتاج إلى المعرفة والفهم والذكاء، ويحتاج إلى تفحص صاحب الحلم وظروف حياته، ويحتاج إلى إحاطة بعادات الناس وتقاليدهم، وبآداب العرب وتراثهم، وبالقرآن والحديث وغير تلك من أنواع المعرفة.
ذلك أن مفسر الحلم لا يضع كلمة مقابل كلمة كما قد يبدو لعامة الناس حين يستشيرون كتب تفسير الأحلام، فيجدون مقابل كلمة «أسنان» أقارب مثلاً، أو مقابل كلمة قارورة امرأة. وإنما يقوم بعملية كاملة متكاملة، يحلل فيها ويقارن، ويتعرف على الحالم وعلى مهنته ودينه وعاداته وظروفه، بل كثيراً ما يُطلَب إلى الحالم نفسه أن يفسر ما يراه.
ويستند في هذا كله إلى الاشتقاق اللغوي للكلمات وإلى معانيها وإلى تشابهها اللفظي، كما يستند إلى المأثور من القول وإلى الأمثال وإلى الشعر والأدب، وإلى القرآن الكريم والحديث، ليتخذ من هذا كله أساساً لتفسير الحلم، وليضع الحلم في النهاية ضمن سياقه الكامل وإطاره الحي.
ومن مثل هذا النهج يرينا كيف جعل مفسرو الأحلام العرب من تأويل الحلم فناً نفسياً له أصوله وله مبادئه، يهدف – بالاستناد إلى مجموعة من الوسائل – إلى البحث عن المعنى الباطن الثاوي وراء المعنى الظاهر، كما فعل المحدثون من علماء النفس تماماً.
ونورد فيما يلي أهم الأسس التي استند إليها مفسرو الأحلام العرب عند تفسير الحلم.
الحلم وشخصية الحالم:
الأساس الأول أن يعرف المفسر من هو الحالم وأن يتعرف على حاله وشخصيته. وهذا يعني أن يعرف عمره وبلده ودينه وطبقته وبيئته ومهنته وعاداته وكل ما يتصل بحياته. ذلك أن تأويل الحلم يتوقف أولاً وقبل كل شيء على شخص الحالم. والحلم الواحد لا يعني شيئاً واحداً إن رآه شخصان مختلفان: فالحلم الذي يراه مَلِك لا يفسر كالحلم الذي يراه رجل من السوقة. والحلم الذي يراه عربي لا يفسر كالذي يراه أعجمي (فكلمة سفرجل تعني للعربي السفر والجلال، بينما تعني للفارسي الجمال والقوة، نظراً للمعنى الاشتقاقي للكلمتين في كل من اللغتين). والحلم يختلف معناه باختلاف ديانة صاحبه، وباختلاف مهنته (حمل السلاح إذا رآه جندي يعني حمل السلاح، أما إذا رآه عالم أو قديس فهو يعني شيئاً آخر)، وباختلاف عاداته (حلق اللحية أو الرأس لمن عادته حلق اللحية أو الرأس يعني غير ما يعنيه لدى من ليست عادته كذلك. وركوب البغل لمن عادته ركوب الحصان يعني غير ما يعنيه لدى من عادته ركوب الحمار) ويختلف كذلك باختلاف جنس الحالم، فحلم الرجل يؤول بغير ما يؤول به حلم المرأة.
الحالم هو الذي يفسر الحلم:
ويبلغ اهتمام العرب بتأويل الحلم تأويلاً مرناً متبايناً بتباين الحالم وحاله، أنهم يرون أن يطلب إلى الحالم في كثير من الأحيان أن يفسر حلمه. ويعنون بذلك أن يسألوا الحالم عن الشيء الذي يخطر لباله أمام ما تراءى له في الحلم (وفي هذا تشابه واضح مع أساليب علم النفس الحديث، والتحليل النفسي خاصة، وما يُعنَى به من أمر الكشف عن المعنى اللاشعوري الثاوي وراء الحلم).
ويوضح مفسرو الأحلام العرب هذا النهج بقولهم أن على المفسر أن يعلم ما في «ضمير» الحالم: فقد يرى ضفدعة وهو يفكر بأنها حية. ومن الهام جداً أن نأخذ بعين الاعتبار ما في ذهن الحالم وضميره قبل أن نأخذ ظاهر الحلم.
فإدراكنا للصورة – كما يقول مفسرو العرب – أهم من الصورة الظاهرة نفسها.
كذلك من واجب مفسر الأحلام أن يسأل الحالم عن الأثر الذي أحدثه الحلم لديه وعن حاله العاطفية ومدى سروره أو حزنه عند رؤية الحلم.
وفي بعض الأحيان يوكل المفسر إلى الرائي تأويل الحلم بكامله، كما جرى لابن سيرين – الرمز – عندما أتاه رجل حلم بأن رأسه حلق وأن الطير خرجت من فمه الخ.. فلقد قام بتفسير الحلم صاحبه نفسه وأقره على ذلك ابن سيرين.
التأويل يستند إلى القرآن الكريم والحديث الشريف والأمثال والأقوال السائرة:
وللثقافة أثر كبير في تأويل الحلم. فما يحفظه الناس من القرآن الكريم ومن الأحاديث الشريفة ومن الأمثال والأشعار وغيرها يترك أثراً في نفوسهم وينعقد معناه في لا شعورهم، وكثير ما يصدرون عن واحد من هذه المعاني عندما يرون حلماً من الأحلام. وهكذا ينبغي أن يعود مفسر الأحلام إلى هذه المظان جميعاً ليستعين بها على تفسير الحلم، فهي ثاوية في نفس الحالم وهي الأساس الثقافي العميق الذي يسقى منه صوره ومعانيها:
هكذا يستوجب على المفسر أن يستهدي بعض آيات القرآن الكريم في تفسيره. كأن يفسر البيض بالنساء لقوله تعالى: (كأنهن بيض مكنون)، أو الحجارة بالقسوة لقوله: (فهي كالحجارة أو أشد قسوة)، أو أكل لحم الميت بالغيبة لقوله: (أيجب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه) الخ..
كذلك يتوجب عليه أن يستهدي أقوال النبي (ص). فيفسر القارورة بالمرأة، لقوله – في بعض ما روى – «رفقاً بالقوارير». أو يفسر الأسكفة (العتبة) بالمرأة أيضاً لأن النبي (ص) حكى عن إبراهيم عليه السلام أنه قال لابنه إسماعيل «غير أسكفة بيتك» يعني امرأتك. الخ.
كذلك عليه أن يستند في تفسيره إلى الأمثال والأقوال السائرة، فيفسر طول النجاد بالكرم لقولهم فلان طويل النجاد أي كريم، ويفسر طول الباع بالمقدرة لقولهم فلا طويل الباع أي مقتدر، ويفسر القوس بالمرأة لقولهم: «المرأة كالقوس إن قومته كسر»، ويفسر الرحى بالحرب، ، ويفسر الإبل بالسفينة لقولهم: الإبل سفن البادية الخ..
وهكذا يتوجب على المفسر أن يلجأ في الجملة إلى ثقافة الحالم، وعناصر هذه الثقافة، وإلى الشائع من معاني الكلمات في القرآن الكريم والحديث والأدب والشعر والقول المأثور، فالكلمات في الحلم – إن صح أن نستخدم تشبيهاً قريباً مما يذكره فرويد – تتزيَّى بزيٍّ غير زيها الحقيقي، ولا بد أن ننبش ما وراء هذا الزي الظاهر من زي باطن، وهذا الزي الباطن الحقيقي – أي المعنى الحقيقي لكلمات الحلم – تساعدنا على كشفه الثقافة الشائعة وما تعطيه للكلمات من معان خاصة.
التأويل يستند إلى معاني الألفاظ واشتقاقها وتشابهها في اللفظ:
وضمن هذا الإطار نفسه ينبغي أن يلجأ المؤول – فضلاً عن المعاني التي للألفاظ في القرآن والحديث والأدب – إلى معانيها العادية وما توحي به، وإلى أصول هذه المعاني الاشتقاقية، وغلى تشابه بعض الألفاظ في جرسها.
فالنرجس يعني الزوال لأنه لا يبقى ويذبل سريعاً. أما الآس فيعني البقاء وطول العهد، لأنه طويل العمر. والثمار تؤول تبعاً لخصائص كل منها. ومثلها الأشجار والآنية والمهن. فالخبَّاز إذا رُئي في المنام يعني رجلاً ثرثاراً، والخيَّاط يعني رجلاً يؤلف بين الناس لأنه يؤلف بيع قطع القماش. والجدار يعني رجلاً منيعاً، والسقف يعني رجلاً رفيع المكانة الخ..
وقد يلجأ المؤول أحياناً إلى التأويل بالضد (وهذا من فنون الحلم وقف عنده فرويد وقفة خاصة) فالألفاظ كثيراً ما تعني في أعماق الحالم أضدادها: كأن يعني البكاء فرحاً، وان يعني الغالب مغلوباً والعكس، وأن يعني الشِّقاق حلماً والقوة ضعفاً الخ..
كذلك قد يتم التأويل عن طريق الرجوع إلى الاشتقاق اللفظي للكلمة. فرؤية رجل اسمه «فاضل» في المنام تعني الزيادة والبركة لأن أصل الكلمة «فضل». ورؤية رجل اسمه «رشيد» تعني الصلاح والرشد، ورؤية «سالم» تعني السلامة، ورؤية سهل تعني السهولة. وكلمة «كفر» يمكن أن تعني الغطاء لأن الأصل الاشتقاقي لهذه الكلمة يعني ذلك. كذلك تعني كلمة «غفران» الحمى والنجاة، بسبب أصلها الاشتقاقي، وتعني كلمة «ظلم» السفر، وتعني كلمة «فسق» النتوء والبروز للسبب نفسه. وللأسباب الاشتقاقية نفسها تعني كلمة «عماد» السند والقوة، وكلمة «مفازة» الفوز، وكلمة «غنم» الغنيمة، وكلمة «دهن» المداهنة، وكلمة «سفرجل» السفر والجلال، وكلمة «ياسين» اليأس، الخ..
بل يلجأ المفسرون العرب إلى تشابه اللفظ والجرس اللفظي وإلى لعب الألفاظ (وفي هذا يلتقون مع مبدأ هام من مبادئ تكون الحلم كما يفسره فرويد). فصوت الطبل قد يعني الباطل (طبل – باطل)، والعلم يعني العالم، والحصا تعني الإحصاء والحمام يعني الحم (الصهر) والذهب يعني الذهاب والضياع، والعقد يعني لدى العازب عقد الزواج، والبحر يعني البحران، والشجرة قد تعني المشاجرة، والورد قد يشير إلى ورد غائب، والنفع قد يشير إلى (النعي) الخ..
وهذا التفسير باللفظ وبمعناه واشتقاقه وجرسه ونقيضه، هام جداً يشير فعلاً إلى اكتشاف مفسري الأحلام العرب لبعض الحيل والعمليات اللاشعورية الهامة التي يلجا إليها الحلم في بنائه وتكوينه، والتي أشار إليها فرويد مفصلاً(1).
التأويل يستند إلى ما يضاف إلى الأشياء أو يحذف:
كذلك يعتمد المؤول في تفسيره إلى التفصيلات المضافة أو المحذوفة. فالبكاء يعني الفرح، كما قلنا، غير أن علينا أن نعير انتباهنا لما يضاف إليه. فإذا كان البكاء مع التأوه والصراخ وتمزيق الثياب دل على مصيبة. كذلك يعني الجوز مالاً مكنوزاً، عندما لا يحدث صوتاً، أما إذا أحدث صوتاً فيعني غماً. والشَّعر يعني الزينة والغنى، غير أنه عندما يغطى الوجه يعني أسى. واللطمة تعني ثياباً ولكنها إذا كانت في الظهر تعني الغيبة الخ..
ويعير مفسرو العرب هذا المبدأ أهمية خاصة، وهو يبين – كما سبق أن قلنا – أنهم لا يفسرون الأشياء تفسيراً حرفياً بل يأخذونها ضمن جملة سياقها. وفي هذا يلتقون مع حقائق علم النفس الحديث وأساليبه في فهم الحلم وتفسيره.
التأويل يعتمد إلى جنس الشيء ونوعه وطبيعته:
فالأشجار والحيوانات المفترسة والطيور تعني في الحلم رجالاً. ولكن علينا بعد ذلك أن ننظر إلى جنسها. فشجرة النخيل تعني رجلاً عربياً، لأنها تنبت في بلاد العرب، وشجرة الجوز تعني رجلاً أعجمياً. كذلك علينا أن ننظر إلى طبائع هذه الأشياء: فالنملة تعني رجلاً نافعاً له صفات جميلة حسنة، وشجرة الجوز تعني رجلاً مخادعاً في تجارته ميالاً إلى الشقاق، لأن الجوز يحدث جلبة وضوضاء. والطائر يدل على رجل أسفار، وإذا كان طاووساً دل على ملك فارسي ذي أبهة وجلال وحاشية، وإذا كان غراباً دل على رجل كافر. إن علينا أن نوازن ونحاكم ونزن الأمور بموازين عديدة عند تفسير الأحلام. وليس الأمر أبداً أمر تفسير حرفي آلي جامد لا ناظم له ينظمه.
التأويل يستند إلى الوقت الذي جرى فيه الحلم:
بل إن تأويل الحلم يختلف باختلاف الوقت الذي تم فيه والفصل الذي جرى به. فالشجرة المثمرة إذا رؤيت في الربيع دلت على خير أما إذا رؤيت في الخريف فهي تدل على شر. ويروى أن رجلاً جاء إلى ابن سيرين فروى له أنه رأى فيما يرى النائم أربعين ثمرة. ففسر ذلك بأنه سوف يجلد أربعين جلدة. ثم جاءه الحالم نفسه بعد حين يروي حلماً مماثلاً، ففسره بأنه سوف يربح ألف درهم. ولما سأله عن اختلاف التأويلين أجابه أنه روى له الحلم الأول في وقت جفاف الأشجار نهاية العام، بينما روى له الثاني أيام الربيع حين تجري الحياة في الشجر. وشتان بين الحالين!
منهج العرب في تفسير الأحلام وفهمها:
تلك هي – في نظر مفسري العرب – أهم المبادئ التي ينبغي أن يستند إليها مفسر الأحلام. ونحن حين نذكرها لا نريد من وراء ذلك أن نكشف عن مدى صحتها، وإنما نود قبل هذا أن نبين المنهج الذي استند إليه العرب في فهم الحلم وتكونه وتفسيره. فمثل هذه المبادئ تشير بالدرجة الأولى إلى فهم نفسي عميق لعملية الحلم ولآليته ولتكونه، وتنعقد الصلة واضحة بينها وبين الآلية التي اكتشفها المحدَثون من علماء النفس حين تحدّثوا عن تكون الحلم، وسنشير إلى هذا الجانب – جانب اللقاء بين الحقائق التي ذكرها علماء النفس المحدثون وبين حقائق مفسري الأحلام العرب – في كلمة تالية.
وحسبنا ههنا أننا بينا كيف يخضع تفسير الحلم لقواعد وأصول تعتمد أول ما تعتمد على شخصية الحالم نفسه – وهذا هو أعز مبدأ عند علماء النفس المحدثين – كما تعتمد على جملة من العوامل الثقافية التي تفعل فعلها في نفس الحالم، والتي تساعد على فهم المعنى الباطن الثاوي وراء المعنى الظاهر للحلم.
وهم في هذا ينطلقون من النقطة التي انطلق منها علماء النفس المحدثون، حين استندوا في تفسير الحلم وتحويله من محتواه الظاهر إلى محتواه الباطن إلى جملة من العوامل، على رأسها فهم شخصية الحالم وثقافته ورغباته. وإذا كانت العوامل اللاشعورية تلعب الدور الأكبر في تكوين الحلم، فمن الواضح أن وراء هذه العوامل اللاشعورية جُملةُ شخصية الحالم وحياته الماضية وحوادثه وذكرياته وثقافة بيئته. وهذه أمور يظهر المفسرون العرب أثرها الكبير ودورها في تفسير الأحلام.
إن في اللاشعور عنصراً ينتسب إلى الثقافة الجماعية للبيئة دون شك، لا سيما بعد الأبحاث التي قام بها «يُنج Jung». ومفسرو الأحلام العرب لم يكونوا بعيدين عن هذا حينما أكدوا أهمية هذه الثقافة الجماعية في تفسير الأحلام.
ولا حاجة إلى القول بعد هذا كله، أن المفسرين العرب أشاروا في تفسيراتهم التي يعطونها للحلم إلى ما سيحدث من الأمور ولجأوا بالتالي إلى منح الحلم صفة النبوءة. غير أننا في وسعنا – كما قلنا – أن نعتبر التفسير الذي يشير عندهم إلى ما سيحدث، تفسيراً للمعنى الحالي الذي يحمله الحلم لدى صاحبه وتحليلاً بالتالي لعملية تكوّن الحلم وآلية بنائه.
عبد الله عبد الدائم